أقبل رمضان وهلّ هلالُه بالخيرات
محمد عبدالجبار الزبن
03-04-2022 02:44 PM
لقد أثبتت الأيام أننا أمة متماسكة بما حباها الله من مزايا وسماتٍ تربط قلوبها، وتلملم شعثها، وتعيد ترتيب أوراقها واهتماماتها، لأنّ أمة الإسلام التي ترتبط برسالة محمد صلى الله عليه وسلّم، هي خاتمة الأمم في نشر الرحمة والعفو والصلاح والإصلاح بين الناس.
وإنّ روابط هذه الأمة متنوعة متعددة، فمنها: البدنيّ والفكريّ والمكانيّ والزمانيّ، وغير ذلك من متعلقات التوثيق الماديّ والمعنويّ بين قلوب المسلمين خصوصًا، وبين قلوب المسلمين وغيرهم عموما.
ومن أهمّ الصور الإيمانية التي تجمع الأمة في زمانٍ واحدٍ: شهر رمضان المبارك. فقد أقبل فخرُ الزمان، بأيامه ولياليه، وفيه ليالي العتق من النار، وفيه تفتح أبواب الجنة للقاصدين إليها، وفيه ليلة العبادة فيها خير من ألف شهر.
ومما ننبه عليه أنّ في الأردنّ أسلوبًا دقيقًا في تحرّي رؤية الهلال، فلا يكاد ينخرم منه ذرات الهواء ولا جزيئات الماء، في دقة متناهية، ومع ذلك فإنّ اجتهاد الأقطار في عموم العالم الإسلاميّ لها اهتماماتها وقدراتها، مما تحترم وتقدّر، وصوم كلّ ناحية حسبما يصوم العموم فيها.
وها هو هلال رمضان لهذا العام، يهلّ باليمن والبركات، فتجتمع القلوب على الطاعات والقربات والصلوات والصدقات، فكم نحن بحاجة إلى الصورة الإيمانية التي تجسد معاني القرآن الكريم، المليئة بالأخلاق السامية مما لا يحصيه البشر، ورمضان فيه أنزل القرآن وهو شهر القرآن تلاوة وتعبدًا وتطبيقا لأوامره.
في الأردنّ احترام لقدسية رمضان منذ العهد الأول لتأسيس الدولة الأردنية، وامتدادا لاهتمامات الهاشميين بالجذور الإسلامية، وأبناء الأردنّ يصومون وهم يستشعرون أنهم أبناء الصحابة الكرام، مستمدين من إيمانهم بالله العظيم، تعظيم هذا الشهر.
ومما نألفه في شهر رمضان، المسارعة في فعل الخيرات، ونبذ الخلافات، وضبط النفس في مواقف الحياة، والتلذذ بالطاعات، وتقديم الصدقات والهدايا للمعوزين، في منظر أخويّ إيمانيّ بلا مَنٍّ ولا أذًى.
وتتسابق المبادرات الخيرية في تقديم الأنفع للناس، وتوصيل الخير في بلد الخير، مما يعني أنّ الأجواء الرمضانية تعطينا دافع الأمل الأكبر: "أنّ الدنيا بخير". ولا عجب!!. فنحن أمام ركن من أركان الإسلام الخمس، وما من أمر من أمور ديننا إلا ويدعو للرحمة فما بالنا بالأركان.
ويأتي شهر الصيام كلّ عام، ليذكرنا أننا نعيش هموما متقاربة، وشؤوننا تحت سقف زمانيّ واحد، وفوق تراب الوطن الواحد، في انتماء لأمة واحدة، تنتمي للإنسانية من حيث الأهمية والاهتمامات، مما يجعلنا عنصرًا فاعلا بين الأمم، فندعو للسلام بينها، ونعطيهم صور التواضع والاحترام والتقدير، للإنسان ومشاعره وإنسانيته وكرامته.
ففي رمضان ننظر إلى السماء عاليا لنرى الهلال، ونقترب من القمر ليلة البدر ونحن نعدّ أيام الشهر، حتى إذا اكتمل الشهر صياما لله تعالى، وقياما في التراويح، اكتملت فينا الدروس والعبر.
ها هو هلال شهر الخير أقبل.. فلنعلنها جميعا، فرحةً بقدومه، ونطوي صفحات بائسة من دفتر الأيام، ونفتح الصفحات المضيئة، التي تبعث على الفأل والأمل، وننقل الفرحة إلى الأجيال ونحن نعطيهم دروس الصيام بالامتناع عن الحلال من طعام وشراب، فبالأحرى أن نمنتع عن الحرام، من الاعتداء على الآخرين بشتى أنواع الاعتداء.
أهلا بك يا هلال رمضان.. وكلّ عام والأردنّ: قائدًا وحكومة وشعبًا والأمة الإسلامية بخير. وعموم الإنسانية بخير، فرمضان الخير.. خيره للجميع.