في الصفوف المدرسية كان المدرس ينتهج اسلوب بالاصطفافات متوافق مع المساواة في الرؤية فالطويل يأخذ مقعده في الصفوف الخلفية واما القصير فيكون مجلسه في الصفوف الامامية مع ان هنالك فرق ضمني بين المقعد والمجلس الا ان هذه السمة لم يتم مجرد التفكير فيها واخذت ما تعمم هذه القاعدة ويتم ترسيمها بكل الصفوف المدرسية وبدلا ان يتم الاجتهاد في كيفية هندسة الكراسي الصفية انصب جهد المدرس على هندسة التلاميذ حسب اطوالهم حتى اخذت هندسة الاصطفافات للتلاميذ تكون سياسة عامة يتم تطبيقها في كل المدارس كونها سياسية متوافقة مع امكانية الرؤية التي كان بالأصل حملها ذلك المدرس القصير الذي اجتهد باجتهاد متلائم مع قوامه ولم ينصب جهده حول تدوير الكراسي على محيط الغرفة الصفية او باستخدام زاوية التباين بالاصطفاف لتحقيق هدف الرؤية وعدم اجحاف مكانة الطويل ليكون مجلسه بالصفوف الخلفية دائما.
لان هذا الاصطفاف كان قد شكل اجحاف للمجتهد طويل القامة بالابتعاد عن مصدر المعلومة وفي الجلوس دائما بالصفوف البعيدة عن حركة المدرس وصوته وتعابيره وهذا ما كان يبعد الطلاب في الصفوف الخلفية عن اليات التفاعل وسائل المشاركة التي تشكل الاساس في تعظيم الجمل التفاعلية المطلوبة لغايات ايصال المعلومة من حاضنة المدرس الى حاضنة متجدد يشكلها الطالب المجتهد فتكون في طياتها آفاق من الابتكار والابداع ومع ذلك كان يحرم الطالب الطويل المجتهد من الجلوس بالصفوف الامامية ويبقى بالصفوف الخلفية مع ان درجة الاهتمام فيها تكون اقل من الصفوف الامامية لكن المقياس المتبع هو الاساس حتى لو كان نابع من عقلية تقوم على الانا استندت لقوام مدرس قصير.
ومع دخول البشرية في عصر الهندرة والعلوم الماورائية ومنظومة التعلم عن بعد وتحضير البشرية للدخول في منظومة اخرى تستند للذكاء الاصطناعي الواصل في علوم هيلوغرافك الا ان طريقة الاصطفاف واليات العمل بسياسة (الطويل ورا والقصير قدام) ما زالت موجودة واخذت ما تعيد تشكيل ذاتية وجودها عبر استراتيجية عمل تقوم على رتم ايقاع جديد وتعمل وفق منهاج آخر في العلوم المعرفية بحيث بات يقف في الصفوف الخلفية من يمتلك قدرة ومقدرة ويجلس في الصفوف الامامية من هو على قد اليد الذي لم يجتاز مرحلة الطول المعرفي بعد.
وهي ظاهرة باتت سمة في بلدان العالم الثالث ونهج عمل موجود في معظم الشركات والمؤسسات فالمبدع لن يأخذ دوره الا اذا
اصبح سلوكه المعرفي منسجم مع الحالة السائدة وسيبقى بالصفوف الخلفية مهما قدم من مجهودات ابداعية انسجاما مع نظرية (الطويل ورا والقصير قدام ) مع الاصل كان باستثمار وجوده والعمل وضعه في الصفوف الامامية للارتقاء بمستويات الانجاز او لتدعيم عوامل النجاح باعتبارها تشكل رافعة مركزية وهي نظرية متوافقة تماما مع مسألة التلميذ الشاطر الذي سيبقى بالصفوف الخلفية بسبب طول قامته ولن يجلس بالصفوف الامامية الا عند حضور المفتش العام او مدير المدرسة للاجابة على الاسئلة.
وفي انتظار مدير المدرسة لتغيير الرتم السائد سيبقى الحال يقوم على ذات السياسية التي جاءت من وحي حالة ذاتية لمدرس كانت قامته قصيرة كما كانت بصيرته ووقف عند معادلة باتت تشكل نهج حياة مفادها يقول اصحاب الرأي في الصوف الخلفية وما دون ذلك في الامام ، هذا لان الطويل ورا والقصير قدام.