في التقاء الصيامين هذا العام
الاب رفعت بدر
03-04-2022 01:43 PM
يتجاور الأخوة معاً، وينطلق كلّ منهم إلى عمله، ويتوجهون إلى المسجد وإلى الكنيسة، بهمّة ونشاط، وبقلوب خاشعة وتائبة إلى الرّب الرحيم، داعية أن ينعم على عباده الصالحين بصوم مبارك وبأعياد مجيدة في نهاية الأزمنة الصياميّة.
أذكر في نهاية القرن الماضي كيف تجاور عيد الميلاد المجيد مع عيد الفطر، وصارت لدينا زينة موحّدة، هلال رمضان وإلى جواره نجمة الميلاد، وصارت بعد ذلك زينة سنويّة، صدّرت من الأردن، لتقول بأنّ الله تعالى يريد من مؤمنيه وموحّديه أن يكون قلب الأخ على أخيه بالسرّاء والضراء.
وفي هذا العام، يدخل الأخوة المسلمون شهر رمضان المبارك، بينما أخوتهم المسيحيون قد دخلوا منذ أسابيع زمن الصوم الأربعينيّ.
وتختلف بالطبع شروط الصوم وطقوسها بين الديانتين، لكنّا ندرك تمامًا أنّ العبادة لله بالروح والحقّ، تتجلى في القلب الصادق والمستقيم، حيث يدعو الإنسان خالقه قائلا: «قلبًا نقيًّا أخلق فيّ يا الله، وروحًا مستقيمة جدّد في أحشائي».
وفي هذا العام، نشكر الرّب القدير على نعمة الشفاء شبه الكليّ، وعودة الحياة إلى طبيعتها ووتيرتها كما كانت قبل اكتساح الفيروس للأسرة البشريّة التي توحدّت على الألم، وتتوحّد اليوم على الأمل بالشفاء الكامل، وبمساعدة الناس للانطلاق من جديد، على درب التقدم التقني من جهة والاخلاقي من جهة أخرى.
ويأتي هذا الزمن في وقت تشهد فيه البشريّة حربا جديدة، ويقتل الإنسان أخاه الإنسان، وكأنّ فيروس الكورونا لم يكفِ، فجاءت أزمة أوكرانيا لتحثّ العالم على إيقاظ الضمير، والدعوة الصادقة من أجل الإنسان والإنسانيّة.
وفيما يُحيي العالم يوم الخامس من نيسان يومًا عالميًا للضمير الإنسانيّ، يرتفع صوت البابا فرنسيس في العالم الغربيّ ويحثّ أخاه البطريرك الروسيّ على الانضمام إلى جوقة عالميّة تدعو للسلام المبني على الحوار والتفاوض السلميّ، عوضًا عن صوت الأسلحة القاتل والمشرِّد للشعب، والذي ابتدأت بسببه موجة نزوح بشريّة جديدة، تعقب موجات العراق وسوريا واليمن وغيرها.
وتبقى العين الأردنيّة في هذا الزمن المقدس، وما يثقل كاهل راعي المقدسات وحامل جائزة الاخوّة الانسانية، هو حريّة الوصول إلى المساجد والكنائس، فيخاطب جلالة الملك عبدالله الثاني رئيس إسرائيل مشدّدًا على ضرورة ألا يمنع أي مصلٍّ وعابد وتقي، لا في رمضان ولا في الفصح، من الوصول إلى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. في التقاء الصيامين هذا العام، ألف تحيّة للمخلصين الداخلين إلى زمن الصوم الثلاثيني في رمضان، ملتحقين بأخوتهم في الزمن الأربعيني، وكلّ عام والأسرة الأردنيّة والأسرة البشريّة بألف خير ومسّرة.
(الرأي)