كانت المقالة الأولى من أكثر المقالات التي تلقت ردودًا ، بعضها علمي حول الفرق بين المواطن والشخصية ، وبعضها سياسي حول تأييدي للعدوان الروسي علما بأنني لم أفعل، وبعضها مندهش من المصطلح "النيتزن" مقابل السيتيزن!
ومعظم التعليقات كانت محقة! وبعضهم رفض إكمال القراءة ، وبعضهم قرأني ولم يقرأ مقالتي ،وهذا أعطاني محتوًى لهذه المقالة!
د.توق رأى أن العالم الرقمي هو انعكاس لشخصية العالم الواقعي بعد أن تحررت من قيودها الاجتماعية والثقافية والسيكولوجية، فهي أكثر صدقًا من سلوكات الواقع، فالنيتزن يظهر دون قيود و شفافًا!
وبعيدًا عن هذا، فإن هدف هذه المقالة هي بيان بيئة التضليل والاستراتيجيات المستخدمة فيها باعتبار أن الشخصية النتيزنية تعكس الأصلية:
1- إغراق الحقيقة بالتشكيك مثل ، لك حقائقك ولي حقائقي. أو هذا رأيك ولي رأيي وهنا يتساوى رأي من يرى السمكة تعيش في الماء ورأي من يراها تصعد إلى الأشجار!
ويتساوى هنا المختص مع غيره، والمثقف مع سواه، والمعلم مع المتعلم، والباحث عن الحقيقة مع مدعيها .
2- ليس هناك حقيقة، بل نسخ منها، ولذلك يحق لكل واحد أن يسوّق نسخته، وهنا يكسب من يمتلك أدوات التسويق وليس أدلة الحقيقة. وهذه أكبر المغالطات التضليلية ،لأن ظاهرها مقبول، ولكن باطنها ينكر وجود حقيقة ما في مكان ما!
3-الأغلبية هي التي تقرر الحقيقة. ولذلك يتذرع صاحب الوهم بانتشار حقيقته بين جمهور واسع، وهذا منطق الديموقراطية ، حيث خمسة جاهلين يتفوقون على ثلاثة خبراء.
4- الارتياح لليقين، واليقين من صناعة الأطر الثقافية السابقة، والتي يكاد الفرد أن يلتزم بها إلى درجة التقديس، ولذلك اليقين هو حقيقته وليس مستعدًا لتغييره، فينطلق منه كمسلمات يغزونا بها، وهذا سلوك واقعي لكنه رقميًا يتعزز بكثرة الأنصار ، فيزداد
رسوخًا.
5- انفلات الرقابة والتفاعلات الشخصية في عالم النيتيزن، وسيطرة الروح الجمعية فتذوب الفردية لصالح من اختطفك ، ومن السهل قيادة النتيزيني للسير وراء المختطف!
6- وأخيرًا، قوة الإعلام المسيطرة، ففي عالم ما قبل النت كان ٩٠% من الأخبار مصدرها غربي، أما الآن فإن من المتوقع أننا كلنا قد انسقنا وراء إعلام الغرب، حيث الإعلام العسكري، والرياضي، والثقافي، والاقتصادي وغيره مما كشف زيف معايير الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان!
وإذا انتصرت حملة التضليل الغربي فإننا سنشهد عالمًا جديدًا مرعبًا وأحاديًا!
وأكرر نقلًا عن حسني عايش:
الكذبة تلف كل أنحاء العالم بينما الحقيقة لم تكمل رباط حذائها!!
هذا هو عالم النيتيزن!!
ملاحظة ١
تضليل دولي : بوتين محجوب عن أخبار المعارك .
ملاحظة ٢
تضليل محلي : ٣٨ نائبا أردنيا يرفضون التوقيع على عريضة بشأن العلاقة مع إسرائيل.