الحرب في أوكرانيا منذ اندلاعها بتاريخ 24 أذار 2022 ، و هي التي جاءت من طرف روسيا الاتحادية كردة فعل و رسالة جوابية على تطاول " كييف " غرب أوكرانيا على شرق أوكرانيا " الدونباس و لوغانسك " حيث يعيش الأوكران الناطقين باللغة الروسية و السكان الروس و بحجم يصل إلى أربعة ملايين نسمة ، و على مدار ثماني سنوات ، و التسبب في مقتل نحو 14 الفا منهم ، من بينهم قرابة 500 طفل ، و غيرهم لا زالو يقبعون في الملاجئ و مشردين داخل روسيا ، أي منذ عام 2014 ، و هو عام الانقلاب الدموي للنخبة السياسية الأوكرانية المحسوبة على التيار البنديري المتطرف و العنصري القادمة جذوره من أتون الحرب العالمية الثانية ، و تحديدا من وسط جناح النازية الهتلرية بقيادة أودولف هتلر وقتها ، و بالتعاون مع أمريكا بإسم الغرب ، و هي المعنية إلى جانب بريطانيا أكثر من كل الغرب بتصعيد الحرب الباردة و سباق التسلح مع روسيا أكثر بكثير من الملف الأوكراني ، و من خلاله ، الذي يريده الغرب أن يبقى ساخنا عبر تزويده ليس بالحوار و لكن بالسلاح و المال الملياري الوفير( قرابة 6 مليار دولار من أمريكا وحدها ) ، و بعد الإطاحة بأخر رئيس أوكراني مثل فيكتور يونوكوفيج الموالي لروسيا و طرده تجاه موسكو ، رغم موافقته على انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي حسب طلبهم ، و هو الذي فسرمن قبلهم على أنه يمكن تطويره للانضمام لحلف ( الناتو) العسكري الغربي بقيادة أمريكا ، و لإنتاج قنبلة نووية مهددة لأمن و سيادة روسيا ومن مسافة جغرافية قريبة جدا، و لفرض شروط " كييف " عليها خاصة ما يتعلق بشبه جزيرة (القرم) الذي حسمته روسيا لصالحها و لاتقبل الجدل بشأنه ، وما يتعلق بإقليمي (الدونباس و لوغانسك ) المستقليتين قبل الحرب التي اطلقت روسيا – بوتين عليها ( العملية العسكرية الخاصة النظيفة ) التي لا تستهدف الأوكران الشعب الشقيق لشعوب روسيا الاتحادية ضمن العائلة السلافية الواحدة ، و في الأطار السوفيتي الواحد ، و عبر تاريخ مجاعة ( ثلاثينيات و أربعينيات القرن الماضي) ، و المصير الواحد في الحرب العالمية الثانية 19411945 و بفاتورة من الشهداء وصلت الى 27 مليون شهيد ، و الانتصار فيها على نازية -أودولف هتلر- و رفع العلم السوفيتي الواحد فوق الرايخ الألماني ( البرلمان ) .
وبعد اكتشاف الاستخبارات الروسية ، و هو الذي كشفه مديرها سيرجي ناريشكين عن وجود مخطط أوكراني غربي للانقضاض على( القرم و الدونباس و لوغانسك ) لضمهم للسيادة الأوكرانية بقوة السلاح في وقت لا تقبل فيه موسكو الحوار مع أية جهة حول (القرم ) الروسي ، و في زمن فشلت فيه " كييف " في اقتناص فرصة الحوار المبكر مع شرق أوكرانيا و عبر اتفاقية " مينسك " لعام 2015 ، و حوارها ( النورماندي) ، وحتى من خلال الحوار المباشر مع موسكو ، بسبب أن و اشنطن كانت تدير " كييف " بواسطة الهاتف و مباشرة و بالريموت كونترول ، و تحرضها من الاقتراب من موسكو ، و هو ما جرى حقيقة .
الحرب في أوكرانيا التي لم تنتهي بعد ، و دخلت مرحلة التفاوض وتحقيق نجاحات محدودة وفق شروط موسكو ، مثل التزام " كييف" بالحيادية ، بمعنى عدم الأقتراب من حلف ( الناتو ) الغربي بقيادة أمريكا ، المعادي لروسيا ،( رغم اقتراح رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين بدايات عهده الرئاسي على الرئيس الأمريكي بيل كلينتون لطلب موسكو دخول حلف ( الناتو ) ، وكان ذلك عام 2000) ، بهدف إنهاء الحرب الباردة و سباق التسلح ، و الاتفاق على تخفيض التصعيد و على عدم تقدم الجيش الروسي تجاه العاصمة " كييف " ، و بحث موضوع الممرات الآمنة بشكل مستمر و متكرر ، وهو الذي ارادت ( كييف ) الاستفادة منه لتهريب فصائل " أزوف " المتطرفة و العنصرية التي تصفها موسكو بالنازية ‘ و الخوض في موضوع معاملة الأسير و تبادل الأسرى ، و بقيت المسائل الكبيرة عالقة مثل ( إقليم القرم ) المحسوم روسيا ، و استقلالية إقليمي ( الدونباس و لوغانسك ) في اطار الحكم الذاتي و سيادة الدولة الأوكرانية ، و سبب بقاء المشكلتين في مكانهما هو إستمرار الأتصال الهاتفي بين الرئيسين زيلينسكي الأوكراني و بايدن الأمريكي ، و تشجيع واضح لهذا الملف بمجمله من قبل الغرب الأمريكي ، خاصة من قبل بريطانيا ( جونسون ) ، و الهدف المشترك الغرب أوكراني ، و الغرب الأمريكي هو بطبيعة الحال ، و الواضح ، و العلني ، هو إضعاف روسيا ، و النخر وسطها ، و إستنزافها عسكريا و إقتصاديا، و إثارة الشارع الروسي على نظامه السياسي و على الرئيس بوتين ، و ماليا عبر عقوبات دولية تحريضية اقتصادية و دبلوماسية و سياسية صارمة ، قابلتها موسكو بإستمرار عمليتها العسكرية الهادفة للمواقع العسكرية المهددة لأمنها و لسيادتها الوطنية و القومية ، و بهدف إجتثاث التيار النازي البنديري بقيادة فصائل " أزوف " ، وتنظيف غرب أوكرانيا من مراكز الأبحاث البيولوجية المنتجة لفايروس " كورونا " و لغيرها من الفايروسات الخبيثة الضارة للبشرية ، و البالغ عددها 30 مركزا ، تعاونت " كييف " لإنتاجها مع أمريكا من خلال تمويل مباشر شارك فيه ابن الرئيس الأمريكي جو بايدن – (هانتير )، و بجهد سري للموساد الإسرائيلي .
ومن المهم ذكره هنا هو موضوع تعامل الجانبين المتحاربين الروسي بواسطة الجيش الأحمر ، و الأوكراني بواسطة جيش أوكرانيا و فصائل " أوزوف " المتطرفة و العنصرية لدرجة النازية ، وكما اشاهد عبر الأعلام الروسي الفضائي ( 1 ، 24 ، RTR ، روسيا اليوم RT) ، فإن الجانب الروسي ومن خلال عمليته العسكرية الخاصة النظيفة لا يتطاول و لا يؤذي الشعب الأوكراني الشقيق لشعوب روسيا الأتحادية ، و حالة عيش و تلاحم و اندماج فريدة من نوعاها وسط المنظومة السلافية الشرقية ، و لغة واحدة حدودية ممزوجة ، تلغي إشاعات الاعلام الاصفر الغربي المضاد ، و القائل بأن روسيا تستهدف المواطنيين الأوكران ، أو أنها تخطط لإستخدام السلاح الكيماوي المحظور عالميا ضدهم ، و هو ما يريد الغرب الأمريكي ترويجه لكي يعطوا انفسهم فرصة زائدة لتوجيه عقوبات اضافية ضد روسيا ، و هو الأمر الذي استمعنا اليه جميعنا من الرئيس جو بايدن على روسيا بسبب نهوضها العسكري فوق النووي بالدرجة الأولى ، و كلنا لاحظنا الرد الروسي الذكي على العقوبات الأمريكية الغربية الأقتصادية بالطلب منهم حالة رغبتهم بشراء المصادر الطبيعية الروسية و في مقدمتها مادة الغاز السائلة ، التعامل مع روسيا بالعملة الروسية الوطنية " الروبل " أو بواسطة " الذهب " ، و هي طريقة شطرنجية محترفة هدفها الاعتماد على الذات ، و مواجهة سطوة ( الدولار و اليورو ) الورقتان اللتان لا تعتمدا على مصادر طبيعية . و شاهدت عبر الأعلام الروسي و باللغة الروسية مباشرة كيف يعمل الجيش الروسي على رعاية القاطنين بالملاجيء من الأوكران ، و كيف يتعامل مع أسرى الجيش الأوكراني عبر تقديم الطعام و السجائر و الاتصالات لهم مع منازلهم ، ووعدهم بالعودة الى ديارهم بعد انتهاء مهام العملية العسكرية الخاصة ، في وقت يستهدف فيه الجيش الروسي فصائل " أوزوف " المتطرفة و العنصرية دون هواد .
وفي المقابل تلقيت رسالة حزينة من طبيبة روسية اعتذر عن ذكر اسمها هنا ، وهي وسط محافظة فارونيج جنوب موسكو العاصمة ، تفيد بأن أسرى الجيش الروسي في أوكرانيا الذين تم الأفراج عنهم عادوا و عيونهم مفقوءة ، و اعضائهم البشرية مزالة ، و اعضاء اخرى من اجسادهم مفقودة ، و اغلب الظن هو سلوك لفصائل " أزوف " المتطرفة سابقة الذكر هنا والمستهدفة من قبل روسيا السياسية و العسكرية وليس بالضرورة من قبل الجيش الأوكراني الذي يقبل تبادل الأسرى و سياسيوه يقبلون التفاوض مع روسيا . والدبلوماسي الروسي السابق في بيروت (فيجيسلاف ماتوزوف ) و خلال حلقة ( زووم) حوارية اشتركت بها من عمان بتاريخ 29 أذار 2022 ، تطرق لسوء تعامل الجيش الأوكراني مع الأسرى الروس عبر رمي ارجلهم بالرصاص الحي ، وهو عمل مدان ، وكلنا نعرف بأن القانون الدولي الأنساني لفت الأنتباه لأسرى الحرب، ومنحهم حقوقا و امتيازات من منطلق أنهم مقاتلين شرعيين و ليسو مجرمين ، وضمن مبدأين ( الأسر خلال الحرب ليس بغرض العقاب أو الأنتقام ، و الهدف هو الحجز الوقائي و المسؤولية للدولة الحاجزة وليس لأفراد القوات المسلحة الحاجزة له ).
وهكذا نرى بأن روسيا الأتحادية المقتنع شخصيا بسياستها الخارجية الداعية للحوار و السلام و التنمية الشاملة ، و بعسكرتها الرادعة لتغول القطب الواحد على اقطاب العالم المتعددة ، و الباحثة عن العدالة و التوازن، لم تدخل الى أوكرانيا محتلة أو بطريقة ( الكاوبوي الأمريكية ) في اليابان نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ، وفي فيتنام ، و في أفغانستان ، و في يوغسلافيا ، و في العراق ، و في سوريا ، و في ليبيا ، وفي الخليج العربي ، وفي ايران ، وحتى مع أوروبا التي تريدها تابعة و ضعيفة غير مستفيدة من المصادر الطبيعية الروسية ، و كذلك الأمر مع ايران و التلاعب بإتفاقيتها النووية ( 5+1) ، ولم تقصد الاحتلال من حربها على غرب أوكرانيا ، أو من خلال عمليتها العسكرية الخاصة استهداف المدنيين أو الأسرى الأوكران ، و سوف تنتهي عمليتها العسكرية كما بدأت بدعوة من اقليمي ( الدونباس و لوغانسك ) بعد اعترافها بإستقلالهما ، و بعد الأرتكاز على مادة الأمم المتحدة رقم 51 7 القاضية بحق الدفاع عن النفس حالة الأعتداء على دولة من اعضاء الأمم المتحدة ، و بعد تحقيق شروطها الكبيرة التي أتت من أجلها ، و انا على ما اقول شهيد .