عادة ما عندي مشكلة اعبر عن اللي ببالي بس هذه المرة بصراحة مش عارف كيف ووين ابلش لانه رحمة عمي سعدالدين مستحيل انصفه بغض النظر شو كتبت بس رح احاول وفي حلقي غصة….

ابو زيد كان اسطورة بكل معنى الكلمة، اسطورة في الاخلاق والاستقامة والعطاء والعمل والخدمة العامة. كان قامة وطنية يضرب فيها المثل سنين بعد مغادرته العمل العام.

كان دمث لابعد الحدود ولا عمري سمعته غلط على حد بحرف. كان يساير الكل ويرحب بمن يقابله بمقولته الشهيرة العفوية "تحياااات" وكان ينادي كل الناس بغض النظر عن موقعهم من الاعراب ب "يا سيدي" والابتسامة ما تغادر وجهه. على مائدة الطعام كان يتغزل بطبخ خالتي الحبيبة ام زيد كأنه اول مرة بجرب الاكل واذا صادفك الحظ تكون معزوم عنده على الغدا او العشا كان يعزم عليك ويسكبلك سواء اكلت او ما اكلت، (واذا الضيف اجنبي يصر عليه عموو have some) كرمة وحسن ضيافته ما كان الهم مثيل.

في الشغل العم الحبيب كان احسن مثال للخادم العام. على سنين الخدمة الممتدة لاكثر من نصف قرن ولا عمره فشل بني آدم وكان يساعد الناس ويتابع قضاياهم كأنهم يخصوه شخصيًا. اثناء عمله كأمين عام رئاسة الوزراء ما كان يقبل يكون عنده سكرتير وباب مكتبه دائما فاتح من قناعته التامة انه الموظف العام واجبه يخدم الناس ٢٤ ساعة وما يرفضلهم طلب. في قضايا البلد عاصر كل الاحداث، (كمثال كان بمكتب رحمة هزاع ثواني قبل اغتياله، ورافق كل رؤساء الحكومة من الخمسينات في حكومة ابراهيم هاشم لاستقالته كوزير دولة في حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي). كان اكثر من موسوعة حافظ وفاهم كل قانون ونظام وقرار مع الاسباب الموجبة وكان اكبر مرجعية لمجلس الوزراء وصمام الامام يشرح برواق وتفصيل تبعات اي قرار خاصة لما ما يكون على قناعة بالتوجه. كان كتوم لابعد الحدود نكون قاعدين معه قبل الاخبار لما يكون في اشاعة تعديل حكومي نسأله "شو عمو في اخبار" ويكون دائمًا رده "يا عموو ما عندي علم" وبعد ٥ دقايق يطلع المذيع يذيع خبر استقالة الحكومة اللي بكون عمي مأنشنها!

على مدى قرن كامل، عاش عمي ابو زيد معزز مكرم، ضميره مرتاح وقنوع لابعد الحدود ومؤمن بقضاء الله وقدره، وانا متأكد اذا في اجماع في البلد هو حب الكل لعمي سعدالدين بقدر حبه للوطن والملك. وبالرغم ان الموت علينا حق لكن الفراق صعب كثير، فما بال لما بكون الغياب غياب عمي الحبيب الاسطورة سعدالدين جمعة. رح اشتاق لقعدات رمضان وهوايتي المفضلة تحضير كاسة الشاي بعد الافطار لابو زيد بس لاشوف ابتسامته واسمع منه كلمة حلوة.

لابن عمي وابن خالتي الحبيب زيد، اللي خلف ما مات، وللخالة الحبيبة اميرة والاعزاء رندا وهلا حسن العزاء. رحم الله العم الغالي ابو زيد…. انا لله وانا اليه راجعون….