فهم البعض للأسف حديث رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة عن العين الحمراء بضبط الأسواق والوقوف بوجه من يحاول العبث بتوازنها ، أن الرئيس ووزرائه سينزلون إلى الشارع بعصا غليظة ،وبدؤوا بغمزهم ولمزهم البغيض ولم يريدوا أن الرئيس يقصد بالعين الحمراء إنفاذ القانون على كل من يحاول أن يعبث بأرزاق الناس ولقمة عيشهم من خلال الاحتكار والتلاعب بالأسعار لهثا وراء الربح الحرام.

الحكومة وللإنصاف قامت وتقوم بجهد جبار للحفاظ على توازن وعدالة السوق للتسهيل على الناس والانحياز لهم ومارست كل ما يمكنها منه القانون لمواجهة ضعاف النفوس في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة ، التي جاءت خارجة عن إرادتها .

لا يوجد رئيس حكومة يحب أن يكون في سدة الرئاسة في ظروف صعبة ويتحمل ما تحمله الرئيس الخصاونة ، وكما نعلم أن حكومة الخصاونة تشكلت في ظروف غاية في الصعوبة وكانت أولى مواجهاتها مع وباء كورونا الذي ألقى بظلاله السوداء على الأوضاع الاقتصادية واستطاعت العبور بالبلاد إلى بر الأمان بجهود كبيرة وراكمت على جهود الحكومة التي سبقتها تحت العين الملكية .

نعلم صعوبة الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي لا يمكن تجاوزها بكبسة زر ، نظرا لعمق تعقيداتها ،
وهذه الحكومة لم تلتقط أنفاسها منذ اليوم الأول لتشكيلها ، وانغمست بحل أزمات كبيره ومتعددة واستطاعت التغلب على الكثير منها ، وجاءت مؤخرا انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية على سوق المواد الغذائية والطاقة الذي شهد ارتفاعا جنونيا في الأسعار ، حيث تحملت الضغط الكبير على خزينة الدولة وثبتت الأسعار على مدى شهور عديدة في سبيل التخفيف على الناس في هذه الظروف الصعبة كما استطاعت الحفاظ على مستوى الامان الغذائي للادنيين ومن الجحود أن نظل نجلدها دون النظر إلى النصف المليء من الكأس ، وللإنصاف يجب أن نشير إلى ما أنجزته هذه الحكومة على كل الأصعدة ، ومن هذه الإنجازات الهامة إضافة إلى معالجتها كثير من قضايا الناس الإقتصادية ، تسهيلها حسب الدستور إقرار قوانين تحديث المنظومة السياسية عبر الأطر الدستورية من خلال مجلس الأمة التي تتميز علاقتها به بالأريحيه والتشاركية والتفاهم من منطلق المصلحة الوطنية العليا .

رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة لم يدر مهامه من مكتبه فقد جاب وحكومته البلاد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ليستمع إلى الناس ويشتبك مع همومهم وقضاياهم بنية صادقة من باب أن الحكومة وجدت من أجلهم ، حيث تشكلت على فلسفة خدمة الناس وحماية مصالحهم وقد انحازت لهم دائما وقدمت كل ما تستطيع لتحسين ظروف معيشتهم كما أشرت في ظل ظروف خارجية وداخلية صعبة ، وتحمل رئيسها بصدر واسع كل أنواع النقد الذي جاء في كثير من الأحيان ظالما وغير منصف ، فالبعض اعتقد أن الحكومة لديها عصا سحرية لحل كل القضايا والمشاكل فورا متناسين أن الظروف أكبر بكثير من الإمكانيات المتوفرة للحكومة التي ورثت مشاكل وتعقيدات وملفات عابرة للحكومات منذ عقود عديدة .

بدل أن نظل نجلد وننتقد أداء الحكومة في كل إجراء تتخذه ، علينا أن نتفهم هذا الإجراء وخلفياته ونبحث عن المصلحة العامة فيه ، حيث لا يمكن للحكومة إلا أن تفكر وتعمل لمصلحة الناس ، لأنها أقسمت على ذلك أمام الملك .

الرئيس قادم من مركز القرار الأول في البلاد ، وهو يدرك جيدا عمق الاهتمام الملكي بقضايا الناس وحرصه اللامتناهي على مصلحتهم وتحسين ظروف معيشتهم ، لذلك كان من اليوم الأول في رئاسته ينطلق من هذه القاعدة الملكية نحو مصلحة المواطن الأردني ولم يحد عنها لحظة واحدة .

مرة أخرى من الإنصاف وعدم الجحود ، تجب الإشارة إلى إنجازات حكومة الخصاونة وصدقها في مهمتها وعمق إخلاصها، ولنتذكر دائما أنها تعمل في ظروف صعبة ومعقدة واجهتها بكل الأمكانيات المتاحة لها وأن نعذرها بما يفوق هذه الإمكانات ونحسن الظن بها ... فإن بعض الظن إثم .