استيقظت من نومها... نظرت لساعتها؛ لترى كم من الوقت مضى منذ أن وضعت رأسها على وسادتها.. فوجدت بأنها الساعة الثانية بعد منتصف اليوم، فقالت متنهدة: " مازال اليوم في أوله "... و عادت للنوم مجدداً.
هالين الفتاة المرحة.. تلك التي تلمع عيناها بالفرح.. الشغف.. و حب الحياة.. الخفيفة الروح كالفراشة التي عرفت نشوة تحريك جناحيها، فحلَّقت في الفضاء؛ لتضفي على الأجواء بهجة بإطلالتها الساحرة و لمساتها الجميلة... ها هي الآن طريحة الفراش لا تكاد تغادره.. غير مبالية بالساعات التي تهدر من يومها بلا فائدة و هي التي اعتادت الفرح... أصبحت كالجثة الهامدة رغم أن قلبها مازال ينبض.. هي كنصف حية و نصف ميتة.. كل شيء في عينيها منطفئ تماماً.
لم تكن هالين تعرف أن عشقها لذلك الشاب الذي أغرق قلبها بالكلام المعسول و زيف الاهتمام، سيؤول بها للحال الذي آلت إليه الآن... كان مخادعاً لأبعد الحدود.. يتلاعب بمشاعرها كما لو أنه يلعب بدمية متحركة لا تملك أي نوع من الإحساس.. مما أدى لارتكابه جريمة على ضفاف قلبها.. فأطفأ الشغف في قلبها.. غير مبالياً بما قد يحدث لها لاحقاً.. و متناسياً بشاعة ما أشعرها به.. واثقاً أنه لا يوجد قانون يعاقب على جريمته هذه.
نعم لا يوجد قانون يعاقب هكذا نوع من الجرائم... لكن ذنبه عظيم من أطفأ شغف إنسان ما في هذه الحياة، و تركه يصارع التساؤلات، و يبحث عن عيوب في نفسه تفسر سوء قدره.. ذنبه عظيم من أثقل الأيام على قلب إنسان.. ذنبه عظيم عند الله من أطفأ وهج الحياة في عين إنسان كانت أيامه على مايرام.. قال تعالى : " وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ " صدق الله العظيم.
فالأبشع من المعصية هي غفلة القلب، أي أن يحرمك الله الإحساس بالمرارة و الندم على فعلها.. فتعلموا الصدق قبل العشق لأن العبث بالمشاعر أبشع جريمة... و أنتِ عزيزتي لا ترضي بمن يأتي لك موارياً للأنظار.. فيترككِ متخاذلاً عند أول موقف.. بمعنى لا ترضي بأقل مما تستحقين.. فأنتِ كثيرة و نفيسة.