الإسناد الأردني للشعب الفلسطيني
د.محمد المومني
02-04-2022 01:09 AM
حراك سياسي مهم يقوده الأردن بقيادة جلالة الملك من أجل إسناد الشعب الفلسطيني، وبالطبع الدفاع عن مصالح الأردن الاستراتيجية العليا المرتبطة عضويا بالقضية الفلسطينية. وزير خارجية إسرائيل يزور الأردن، ومن ثم وزير الدفاع، والأربعاء الماضي اجتمع الرئيس الإسرائيلي مع جلالة الملك في قصر الحسينية، وبالتزامن مع كل ذلك، جلالة الملك وولي العهد يزوران القيادة الفلسطينية في مقر السلطة في رام الله.
التحرك الأردني والإسرائيلي محفز ويستثمر بمرحلة ما بعد نتنياهو، التي تراجع فيها خطاب الكراهية، وبدت أجواء المناكفة التي امتهنها نتنياهو وقد انحسرت، وسادت لغة العقل والمنطق واحترام مصالح الدول وأدوارها. الحراك الأردني يهدف لأمرين أساسيين؛ الأول، دعم القيادة والشعب الفلسطيني، والقول للعالم أجمع إن الاستقرار والسلام لن يعما في الشرق الأوسط، قبل أن نمتلك كامل الشجاعة لكي نواجه المشكلة الأساسية، وهي قضية الشعب الفلسطيني وحقه في دولة على حدود الرابع من حزيران 1967، فهذا هو لب المشكلة وأسّها الأساسي. والهدف الثاني، القول للعالم أجمع إن للدولة الأردنية مصالح عليا استراتيجية ومهمة لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار، وهي مصالح عميقة ترتبط بشكل مباشر بإحقاق حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية القادرة على منح الجنسية، وممارسة أعمال الدولة طبقا للقانون الدولي. الأردن ودوره التاريخي والسياسي، والقيادة الفلسطينية الممثل الشرعي للفلسطينيين، جهات أساسية حاسمة لا يمكن بحال تسوية النزاع الدائر دون أخذ مصالحهم بعين الاعتبار.
القيادات السياسية معنية أيضا بضرورات الهدوء الميداني، وضمان حرية العبادة، لا سيما ونحن مقبلون على الشهر الفضيل الذي يتزامن مع أعياد يهودية. الأردن، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل أيضا ضمن نهج الحكومة الحالية، مهتمون بإشاعة أجواء من الاستقرار لأن من شأن ذلك خلق البيئة المناسبة لاستئناف المسار السياسي التفاوضي، وإيجاد أفق أمام الجميع يجعلنا نعيد للأذهان مرحلة ما قبل نتنياهو.
وقناعة الأردن التي لا شك يقولها ويقنع بها الأطراف كافة بمن فيهم الأميركان والإسرائيليون، أن انعدام الأفق أمر غير مستدام، وقنبلة موقوتة تنفجر بين الحين والآخر في أحضاننا، وأن تسوية لن تتأتى إذا ما غاب أفق العدالة التي تحقق حلا تاريخيا تقبل به الشعوب وقياداتها، وهذا الحل ليس سرا ولا أمرا معقدا، بل بائن واضح اقتربنا من إحقاقه مرات عدة، ولكن في كل مرة كانت تضيع الفرصة لغياب القيادات الشجاعة القادرة على قيادة الشعوب، أو في أحيان بسبب شعبويات وتطرف كما حدث في زمن نتنياهو.
الأجواء برمتها تسير بالاتجاه الصحيح، وهي في أقل اعتبار حاصرت خطاب الكراهية، وأعادت الحياة لقيم السلام والتعايش والتعاون التي أجهز عليها نتنياهو. يمتلك جلالة الملك كما كبيرا من المصداقية السياسية والشخصية، ومتسلح بقوة الحق والمنطق، ويؤمن تماما أنه في الجانب الصحيح من التاريخ، ويوظف كل ذلك للذود عن مصالح الأردن، ولإسناد الشعب الفلسطيني، وهذا إنفاذ وتطبيق عملي لحقيقة أن الأردن هو رئة هذا الشعب الصابر.
(الغد)