المواطنة العادية والمواطنة الرقمية
د. ذوقان عبيدات
01-04-2022 10:36 PM
سيتزن شب والنتيزن شب
لعل أبرز انفصام يصيب الأردني هذه الأيام هو ما يحدث بين شخصيته العادية وشخصيته الرقمية! على حد رأي حسني عايش في كتابه الجديد: "عصر ما بعد الحقيقة فالمواطن الأردني في بيئته العادية إنسان وقور جاد ، خجول ، متواضع، يتحدث فيما يعرف، ويصمت فيما لا يعرف!.
يسأل باحثًا عن حقيقة ، فإذا وجد أدلة وثق بها، وتبناها! لكن ما يذهلك فعلًا نفس الشخص حين تجده عبر المواقع الإلكترونية، بسمات غير تلك التي تعرفها عنه! فهو مفكر باحث، محلل سياسي استراتيجي ،عدواني ًقلب هجوم!.
مستعد لهزيمة روسيا والدفاع عن الولايات المتحدة! ناقد يرفض أي كلام مختلف! يعلي حقيقته فوق كل منطق! وقد حصرت سلوكات عديدة لصديق طبيعي ولكنه عدو افتراضي شرس: يشتمك على النت، ويحيطك عند لقائه! فما الذي يحدث هذه الازدواجية؟.
في علم الاجتماع تفاسير عديدة يمكن التحدث عنها:
١-المواطن الافتراضي يسبح في العالم الرقمي بين آلاف السابحين يتحرك بينهم ومنهم ، يأخذ عنهم ويأخذون عنه! الكل يسبح في كل اتجاه، فيلقى ذاته الحقيقية ويسير مع التيار معتقدًا أنه ليس هو! وغير معروف، وهذا يعطيه حرية واسعة ويشعره بالأمن!
٢-ويشعر المواطن الرقمي بالتماثل مع من يراهم حوله في الشبكة الالكترونية ، فيرى تافهًا يحلل ويصدر أحكامًا في قضايا كبرى، فيقول لنفسه: ولماذا لا أقدم تحليلاتي ما دام الكل يحلل! على طريقة ما حدا أحسن من حدا!!
٣-والمواطن الرقمي لا يخشى العقاب، فإذا شُتِم من أحدٍ لا يشعر بأن الشتيمة موجهة لشخصيته العادية، ولذلك يشتم صديقًا له، أو يشعر بأنه ندٌّ لبوتين أو أخ لزلنسكي، فيكافئ نفسه على علاقاته الدولية الواسعة دون أن تهزه شتيمة، ففي السيكولوجيا ينعم بالإنجاز الرقمي لأنه هو من أنجز وبذا يتحد مع شخصيته الرقمية ، ولا يتوتر من شتيمة رقمية لأنها ليست موجهة لشخصيته الحقيقية!
أما كيف تمارس الشخصية الرقمية "النتيزن" أساليب التضليل وخداع الذات والآخر فهو موضوع لمقالة تالية