المواطنة على مقياس المذهبية
د. حازم قشوع
01-04-2022 12:07 PM
تناقش الدوما الروسية مشروع قانون للجنسية المقدم من حزب روسيا الموحدة الذي يتزعمه الرئيس بوتن حيث يتم بموجبه اعتبار كل من هو من عرق سلافي والمسيحي الشرقي هو روسي بالتاصيل وله كامل حقوق المواطنة الروسية وكما يحمل القانون بين طياته اعتبارات اخرى لها علاقة بتوطين المواطنين في الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفيتي.
القانون الذي يدفع لاقراره في اروقة بيت القرار الروسي بطريقة سريعة سيعامل الاقباط المصريين كما المسيحيين الشرقين بالقدس معاملة الروس وهذا ما سيدخل الروس في مربع القدس من باب الاحياء الاربعة التي هي مقسمة بين الحي المسيحي والحي اليهودي وحي المسلمين والحي الارمني وهو الحي الذي يستهدفه مضمون مشروع قانون الجنسية الروسي والذي يحمل الابعاد الديموغرافية كما الجغرافية.
واما البعد الديموغرافي فهو قائم على العرق السلافي والمذهب المسيحي الشرقي بشكل عام ومع (الارثوذوكس) بشكل خاص باعتبارهم مواطنين روس كما سيتم اعتبارهم مواطنين روس اينما وجودوا كما سيتم العمل على حمايتهم وحماية مصالحهم اينما كانوا وهو ما يضيف لبعد الجنسية او المواطنة ابعاد غير تلك التي كانت تقوم على حيز الجغرافيا التي تشكل حدود الوطن.
وكما يضيف القانون جغرافيا المكان وحيز اللغة الذي يسمح بموجبه لكل من يجيد اللغة الروسية اوعاش فترة في اي من الجهوريات السوفياتية او في اطار حلف وارسو من حق الحصول على الجنسية الروسية وبهذا تكون الإمبراطورية الروسية قد تم تحديد جغرافيتها ومواطنتها واخذت تشكل الكتلة الثانية في معادلة القطبية.
وتبعا لهذا المعطى فان اوروبا سيتم اقتسامها بين العرق السلافي والمذهب المسيحي الشرقي من جهة وبين الكاثوليك التي كانت عاصمتهم روما من جهة اخرى وبهذا يعود التاريخ الى سجلاته ويعيد المنافسة التاريخية في اوروبا بين الحاضنة الاغريقية بزعامة روسيا والحاضرة الكاثولوكية التي تقوم عليها الفرنجة بزعامة فرنسا والمانيا.
واما البروتستانت فلقد شكلوا منظومة العيون الخمسة في قيادة العالم الافتراضي وهم يضمون كل من امريكا وبريطانيا واستراليا وكندا ونيوزلاندا وبهذا يكون النصف الشمالي من الكرة الارضية قد حدد ثلاث دول مذهبية ستقوم على قيادة العالم وشرعن كل منهم جغرافيتها وديموغرافيتها.
وكما وبقي في النصف الجنوبي من العالم الكتلة الصينية الموحدة والمنافسة والكتلة الهنديهة الموحدة الى حد ما لكنها منافسة وهما يعتبران مركز الموارد البشرية وكما يبقى سوى افريقيا وهي مستهدفة بسبب مواردها الطبيعية والبشرية والشرق الاوسط الذي هو ايضا مستهدف بسبب موارده الطبيعية ولاعتبارات تاريخية تقوم على اصالة الحضارة الانسانية وقوام التعددية الدينية ومهد التنوع الثقافي.
وبهذا يكون نصف الكرة الشمالي يحمل ثلاث جنسيات فقط تستند للاعراق والمذهبيات وهو يمتلك الاسلحة الاستراتيجية كما يمتلك مخزون المياه العذبة العالمي ومعظم العلامات الفارقة الانتاجية هذا اضافة الى منظومة الاسلحة الاوروبيتية لكنه في المحصلة حدد قوامه ضمن اسس قامت عليها معادلة الجنسية الجديدة التي تقوم على معادلة المواطنة على مقياس المذهبية.