في ظل ما يواجهه العالم اليوم من أزمات بدأت بالتفاقم بعد بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حتى وصلت لما وصلت إليه اليوم والتي يمكن أن نقول أنها غيرت في شكل وتركيب العالم الجديد مع انعدام الثقة بين روسيا من جهة والناتو من جهة أخرى، وانتهاء مهلة الأسبوع التي منحها الرئيس بوتين للبنك المركزي والحكومة لتفعيل آلية بيع الغاز بالروبل وهو الأمر الذي عبرت عنه ألمانيا بأنه قرار يخرق عقود التسليم حسب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك!

وهنا يطرح المتابع أوجه السيناريوهات المطروحة اليوم لخروج دول أوروبا من هذا المأزق؟ يمكن القول أن المحللون الروس هنا في العاصمة موسكو يطرحون العديد من السيناريوهات التي من الممكن أن تكون خيارات الدول الأوروبية أبرزها أن الأحداث ستبدأ بالتطور بعد انتهاء المهلة التي حددها بوتين أي بعد تاريخ 31-3-2022 وذلك خلال مدة زمنية لا تقل عن شهر إلى شهرين من المفاوضات والتي ستؤدي لإمكانية نقل التسويات المالية إلى روبل، يتبع ذلك مفاوضات على المستوى التجاري، بعد ذلك سيكون هناك رد رسمي خطي من المشترين الأوروبيين يمكن البناء عليه وتصور كيف ستكون ردة فعل روسيا وذلك إما بإبقاء عمل خط الغاز أو إغلاقه.

سيناريو آخر مطروح وهو بقبول وجود وسيط خلال المفاوضات يتم التعامل معه لتسيير أمور البيع والشراء ولكن هنا ستكون معضلة وهي أن الوسيط الذي سيتم التعامل معه سيكون فقط عبر العقود الجديدة..

السيناريو الأخير والذي يدعو للتفاؤل بحسب المحللين الروس يأتي من خلال موافقة بعض الشركات الأوروبية على الشراء بالروبل مقابل رفض البعض التعامل والدفع بالروبل وبالتالي فسخ عدد من العقود القائمة.

تجدر الإشارة الى أن الرئيس بوتين وأثناء كتابة هذا المقال قد وقع على مرسوم حول آلية سداد ثمن الغاز الطبيعي المورد للغرب، وبناء على المرسوم يتوجب على العملاء في الدول غير الصديقة، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي، فتح حسابات بالعملة الروسية في البنوك الروسية، ويدخل المرسوم حيز التنفيذ اعتبارا من 1 أبريل 2022، هل سيتقبل الغرب ذلك؟

العالم يرتقب الأيام المقبلة بكل شغف ليرى إلى ما ستؤول إليه الأمور، هل روسيا ستكون الدولة الوحيدة في كسر احتكار الدولار واليورو في التعاملات المالية الدولية، وهل المواجهة الاقتصادية اليوم ستولد اقتصاد عالمي جديد مستقبلا، الآيام القادمة حبلى بالمراوغات التكتيكية والتي ستتبعها موازين استراتيجية مختلفة كليا ومغايرة للمعايير في هيمنة الدولار واليورو على تصور نظام عالمي جديد.

* باحث بجامعة الصداقة-موسكو