لقاء ذهبي «أردني فلسطيني»
المطران ياسر عياش
31-03-2022 04:19 PM
حملت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي العهد الامير حسين بن عبدالله الى رام واللقاء الذهبي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، اهمية كبيرة على مختلف الاصعدة.
وجاءت هذه الزيارة في ظروف محلية وعالمية استثنائية، وحراك عالمي غير مسبوق في المنطقة.
تزامنا مع قمة سميت «بتاريخية» في النقب جمعت اسرائيل وامريكا والمغرب ومصر والامارات، وحرب ضروس ما بين روسيا واوكرانيا، عالم يتخبط في ظروف عديدة، وحروب في اماكن مختلفة من العالم.
وفي هذه الايام، فان العالم كله يستعد، وفي القدس بنوع خاص، الغنية روحيا والفريدة في العالم، تستعد للاحتفال بالاعياد المباركة اليهودية والمسيحية والاسلامية: عيد الفصح اليهودي، وشهر رمضان المبارك واحتفلاته الروحية والانسانية، وعيد الفصح للمسيحيين: الغربيين والشرقيين، وغيرها من الاعياد.
وكلنا يتمنى ان يسود الهدوء والاستقرار لتكون اعيادنا و احتفالاتنا سلمية ومثمرة، لتمجيد الله وفرح الانسان وتحقيق رسالة السماء للبشر، رسالة المحبة والسلام.
زيارة جلالته تاريخية وذهبية، في هذه الاوقات الصعبة اكدت التزام الاردن ومواقفه الثابته من القضية الفلسطينية، وحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
لم يتوقف يوما الدعم الشامل للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين والوقوف الى جانبهم والدفاع عن حقوقهم، وخاصة الرعاية الهاشمية السامية الكاملة للاوقاف الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف بموجب الوصاية الهاشمية المباركة التي تحافظ وضع هذه الاماكن المقدسة التاريخي والقانوني، بالرغم من التحديات التي لا تحصى.
يجدر بنا ان نؤكد اعتزازنا وتمسكنا بالوصاية الهاشمية على الاوقاف والمقدسات المسيحية والاسلامية في القدس خصوصا. هذا كله يشكل ضمانة لاستمرار التواجد المهدد الاسلامي والمسيحي خصوصا في القدس.
هنا لا بد من تقديم الشكر والعرفان لجلالته على سخائه وكرمه الهاشمي النابع من ومسؤوليته وامانته ونزاهته ، في «اعادة الاعمار في القدس وترميم القبر المقدس وكنيسة القيامة « وغيرها من المشاريع في المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، لتقوم برسالتها الالهية والانسانية.
كما هو اكيد فان العديد من المؤسسات بانواعها تعمل لتثبيت المسيحيين في القدس والاراضي المقدسة والحفاظ على ممتلكاتهم ، الحفاظ على الاملاك المسيحية والاسلامية والدفاع عنها في مختلف المحافل، باذلين النفيس والرخيص من اجلها.
زيارة تثبت الارتباط و روح التآخي التاريخي، ما بين الاردن وفلسطين وما بين الشعبين، وارتباطه التاريخي بالقضية الفلسطينية، فقد قدم لاجلها العديد من الشهداء الاردنيين على ارضها الطهور . زيارة جلالته تضع من جديد وبقوة امام العالم كله، ان قضية العالم «الاولى» هي القضية الفلسطينية، التي حمل رايتها في كل المحافل الدولية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه وفي الوقت ، ليضع العالم كله امام مسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية ، فيتعامل معها ومع الشعب الفلسطيني كما يتعامل مع الشعوب الاخرى ، بالتساوي والعدل في تطبيق القانون الدولي والمواثيق الدولية وحقوق الانسان وقرارات الامم المتحدة . فكل الناس متساويين امام القانون ، الذي وضع للدفاع عن «الانسان» ، اينما وجد وايا كان من كان: شكله وموطنه ولغته ولونه ودينه يبذل الاردن جهودا كبيرة ، ويعمل الاردن باستمرار في كل خطواته ومبادراته لاعادة الحوار الفلسطيني الاسرائيلي الى وضعه الطبيعي، في تنفيذ القرارات الدولية، والعيش بكرامة بامن وسلام والعمل معا على تقدم واستقرار المنطقة.
هذا كله بفضل التنسيق الدائم والمستمر مع الجانب الفلسطيني، من اجل اعادة التفاوض والوصول الى الحل المنشدون.
كلنا يريد السلام العادل والشامل لجميع شعوب المنطقة، ولكن لن يكن هذا السلام ممكنا، ما لم يكن حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية قضية العالم والقضية الاولى في العالم العربي.
يبنى كثيرون امالا على زيارة جلالته، لمستقبلهم وحياتهم ووجودهم الذي يتهدد في كل يوم. خاصة الانتهاكات اليومية والاجتياحات والاستفزازات، التي ليست في صالح اي من الاطراف، لاننا كلنا «نريد السلام العادل والشامل» ، الذي يجعل الشعوب تعيش في امن وسلام واستقرار دائم ، في الحرية والكرامة والتقدم الحضاري والانساني وحرية الدين واحترام كيان «الشخص البشري». لذلك فانه من شأن هذه الزيارة ان تدعم وتشجع الفرص التي تعمل من اجل السلام خصوصا بين الشعبين في المنطقة، والتعاون المتبادل في كل المجالات وخاصة في الجوانب الانسانية والاقتصادية والثقافية.
انها بادرة خيره، يستدل بها كثيرون، لتقود الجميع الى ميناء السلام، والعمل لاجله في كافة المجالات والتخفيف من كل اشكال المعاناة والاقتصادية منها.
زيارة جلالته الى رام الله واللقاء بعباس، تعزز الرؤية الاردنية والعربية والدولية التي يعلنها دائما جلالته، وينادي بها في كل زياراته ولقاءاته : «لا يمكن للمنطقة ان تنعم بالامن والاستقرار دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على اساس حل الدولتين، يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس «.
ان زيارة جلالته «تشد من عضد وعصب الفلسطينيين» ، يقف الى جانبهم، ويبقى جلالته بحكم قيادته وحكمته اساسا في تحقيق السلام العادل والشامل والاستقرار في المنطقة.
نحن في القدس نشكر لجلالته مواقفه الثابته وسخاءه ورعايته للاماكن المقدسة ، ونؤكد لجلالته الولاء ، داعين له بطول العمر والتوفيق ودوام عرشه « قائدا وابا وحكيما «، و طالبين السلام من رب السلام .
(الدستور)