المشهد السياسي الذي ميز الدائرة الفلسطينية الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية، نافس المشهد الاوكراني ولو على صعيد اقتطاع جزء من الاهتمام الإعلامي.
وقائع هذا المشهد جاءت على النحو التالي..
تفضيل العاهل الأردني زيارة رام الله على اشراك وزير خارجيته فيما وصف “بالقمة التاريخية في النقب”.
وزيارة بلينكن للمقاطعة تحت عنوان انتم في البال واعذرونا على قلة الجهد وتأجيل السياسة.
ولقاء اربع وزراء خارجية عرب مع نظيريهم الأمريكي والإسرائيلي في النقب، ولقد اهتم المراقبون بالمدلول الرمزي لاجتماع على هذا المستوى يتم على بعد خطوات من ضريح مؤسس الدولة العبرية بن غوريون، والذي ما يزال في الذاكرة كمؤسس للنكبة الفلسطينية.
وقد حظي هذا اللقاء بصفة التاريخي كونه يحدث لأول مرة في الزمان والمكان دون تدقيق في نتائجه الفعلية.
اللقاء الأفضل بالنسبة للفلسطينيين هو الذي تم مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي هو اكثر الزعماء تذكيرا للعالم ولأمريكا ولإسرائيل بالذات بأن مفتاح الامن والاستقرار في المنطقة يكمن في حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس الدولتين، وهو كذلك الرجل الذي لم يغادر منطقة التطابق في الموقف مع الفلسطينيين منذ ما قبل صفقة القرن الى ما بعدها، غير ان الملك يضيف تطابقا آخر مع الفلسطينيين وهو الشعور بخيبة الامل ان لم اقل الإحباط لأن صناع القرار في العالم وعلى رأسهم حتى الان الولايات المتحدة وبالنسبة لنا إسرائيل، لا يصغون للأصوات العاقلة لانشغالهم بالأحداث المجنونة التي تلف العالم بأسره.
تزامنت زيارة الملك للمقاطعة مع الاجتماع الذي وصف بالتاريخي وعقد على كثبان النقب، كان غياب الأردن عن هذا الاجتماع هو الأكثر حضورا على مستوى التساؤلات، ودون إطالة في الإجابة فكلمة السر تكمن في خصوصية العلاقات الاردنية الفلسطينية وفاعلية الرأي العام الأردني الذي لا يستطيع ابتلاع لقاء في ذلك المكان بعد ان اثار النقب ما اثار من انفعالات شعبية جراء كل ما جرى وما سيجري على ارضه.
لم يسفر اللقاء “التاريخي” عن نتائج محددة وموثقة، فإذا كانت ايادي المجتمعين قد تشابكت في الصورة التذكارية الا ان غياب الحلقة الفلسطينية عن ان تكون من ضمن جدول اعماله ان لم نقل على رأسه جعل منها فاقدة للزخم المقنع، صحيح ان هنالك بعض تقارب إزاء الموضوع الإيراني، الا ان الهوة عميقة تجاه القضية الفلسطينية، بين من يرون حتمية حل الدولتين وبين من يرفضون الفكرة من أساسها.
الصحافي الإسرائيلي ناحوم برنياع كان الأكثر وضوحا في تقويم المشهد والأكثر تحديدا في قراءة مكوناته حيث قال واقتبسه حرفيا.
” الفلسطينيون لم يدعوا الى سدي بوكر وباستثناء ضريبة لفظية لم يكونوا نجما في جدول الاعمال، وهذا من ناحية بينيت ولبيد بشرى طيبة، ولكن مثلما تعرفنا امس فإن المسألة الفلسطينية وجدت بطرق خاصة بها… بشكل عام طريق عنيف لأن تفرض نفسها على الواقع، الفلسطينيون ليسوا على الطاولة ولكنهم في الخضيرة وفي بئر السبع وفي القدس”
تفرق اقطاب المشهد وعاد كل من حيث اتى ، الملك عبد الله الثاني الى عمّان والى مواصلة تذكيره للعالم بمفتاح الامن والاستقرار عبر حل الدولتين، وبلينكن عاد الى غرفة عمليات الحرب الروسية الأوكرانية الكونية، ويائير لبيد عاد الى حكومته لينضم الى الخائفين من التقاء رمضان الإسلامي مع الفصح اليهودي، اما الباقون فكل عاد الى همه غير ان الذي لا يعرفه احد حتى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المتباهية دوما بقدراتها العبقرية هو اين ستكون العملية القادمة؟
القدس