بداية لا خلاف على أن نسبة الضريبة العامة على المبيعات في الأردن هي الأعلى في العالم لكن ليست هذه هي المشكلة!
المشكلة هي في اعتماد الخزينة على ضريبة المبيعات غير المباشرة في إيراداتها وهو ما يجعل مراجعتها عملية صعبة ومحفوفة بالمخاطر مع أن العكس هو الصحيح فكلما انخفضت الضريبة على المبيعات زاد الاستهلاك وزادت معه الإيرادات منها..
هذه الإشكالية هي ما جعل الاعتماد على ضريبة الدخل ضعيفا.. وهو ما جعل الاصلاحات في قوانينها تتأخر..
اليوم تقدم دائرة ضريبة الدخل والمبيعات مجموعة من الإصلاحات المهمة في مقدمتها اعتماد الفواتير وتشجيع المواطن على تقديمها وهي خطوة مهمة للكشف عن الدخل الحقيقي.
برنامج التصحيح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي واضح ومعلن وهو ليس من الأسرار ويستطيع اي مواطن مولع بالإنترنت أن يطلع عليه بكبسة إصبع على محرك البحث.
يتضمن البرنامج إلغاء الإعفاءات من الضريبة العامة على المبيعات والرسوم الجمركية. باستثناء البنود المتعلقة بالصحة والسلع الغذائية الأساسية وبذل جهود لمعالجة التهرب الضريبي وزيادة الامتثال، وترشيد النفقات مع دعم شبكات الأمان الاجتماعي.
حتى المعارضة تتفق مع هذا الطرح، فهي لا تقبل أن يستمر التهرب الضريبي على هذا الحال لأنه ببساطة هو افتئات على حقوق الطبقات الفقيرة والمتوسطة عندما يساهم في تسمين جيوب المتهربين دون أدنى وفاء للمجتمع الذي تسبب في رواج أعمالهم وتكبير ثرواتهم.
الثغرات في القانون كانت تسمح بالتهرب الضريبي وهو ما اضطر الدائرة الى معالجتها بأسلوب المداهمات التي اثارت ردود فعل سلبية لانها ترقى الى التجريم وقد تنطوي على ظلم قد يقع هنا او هناك وفيها نسبة للخطأ وسوء التقدير.
صحيح ان هناك ممارسات يجرى التحقيق فيها وثبت التهرب فيها وهو الذي يعادل السرقة، حيث لا يمكن إخفاء أدوات الجريمة ومظاهرها حتى لو قام محامون بارعون بترتيب الملفات والحسابات وتكييفها وإخفاء المعلومات.
خطة الإصلاح الضريبي التي يقترحها البرنامج في جانب الضريبة يجب أن تركز على أهداف إغلاق الثغرات في القانون الضريبي التي تسمح لشركات وأفراد في قطاعات تحقق مداخيل عالية بأن تتهرب من دفع الضرائب بطريقة قانونية، وهو ما يحرم الخزانة من ملايين الدنانير بينما لا تترك التخفيضات والإعفاءات أي أثر على الاقتصاد وتساهم فقط في رفع مداخيل الأفراد والشركات.
صحيح أن تحريك وتنشيط الطبقة الوسطى يتم بإزالة الأعباء الضريبية عن كاهلها وهو مصلحة اقتصادية، نظرا لدور هذه الطبقة التي واجهت تهميشا بينما كان اقتصاد السوق يبالغ في تسمين الشرائح العليا الأعلى صوتا في رفض الإصلاحات عندما تتخذ من هذه الطبقة متاريس للدفاع عن مصالحها.
الإيرادات الضريبية كانت تنمو طرديا مع زيادة الناتج المحلي الإجمالي، لكن ما يحدث أحيانا هو العكس والسبب هو حجم التداخلات والتشوهات التي مست قانون الضريبة العامة على المبيعات بزيادة الإعفاءات والتنزيلات التي طرأت على النسب.
ضريبة الدخل هي أم الضرائب وهي في ذات الوقت معيار من معايير المواطنة في دول كثيرة لكنها أيضا يجب أن تكون معيارا لجودة الخدمات.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي