اضطراد ضعف الأمة وتهاويها إلى الحضيض شاهد على واقعها المؤلم وهو يجافي طموح أبنائها وتطلعاتهم واستشراف مستقبلهم وهو عكس قناعتهم وايمانهم بأن هذه الأمة في أصلها وفصلها قوية بمكوناتها وشعوبها ومواردها وما تملكه من مقومات قادرة على أن تصنع القوة والعراقة والبأس وقوة العزيمة والشكيمة.
عندما فقدت الأمة ارادتها وكلمتها وتفسخت عراها عروة عروة منذ سايكس بيكو وما تلاها من تداعيات قوى الجذب والشد وأفتعال الازمة تلو الازمة وزراعة كيان بني صهيون في قلبها وتمدده في ارجائها اكلا لحمها وناخرا عظمها بعد أن وجد من يتعاون معه ويتكئ عليه حماية لمقعده وانانيته وطمعا في رضاه ودعمه على حساب مصالح الشعوب ومبادئها وعقيدتها فكانت لقمة سائغة وعجينة يدورها كيف يشاء وحيثما أراد.
ترى هذا الجسم الكبير الضخم وقد تقطعت اشلاؤه وتمزقت اوصاله ولم يعد هناك رابط يربطه ولا عصابة تعصبه فكثرت جراحه وتميع إلى إلى حدود تبدد الآمال وتقطع الرجاء في أن يعود يوما لماضيه وعزته وكينونته.
عمي البصر وانقطع الوتر وتقوقعت أنفاس الشعوب على سياط الظلم والجبروت وخنقت اصواتها بعد أن تأزم ازلامها وقبعوا وراء المال والمناصب وقلة الكرامة فاعتادوا الذل واذلوا الشعوب ونهبوها ورموها في سلال القمامة دون رحمة او هوادة.
وهكذا تبلدت الشعوب وانطمرت في تراب الأرض لا تعرف غير الهمس والشكوى في غيابة الجب واستحوذ عليها الجبن والمهانة ورضيت بالدونية والهوان.
نعم المصلح وبئس المفسد ولعل زمنا يأتي في قادم الأيام لرأب الصدع ومداواة الجراح واعادة الأمل والكرامة.