خصوم الإدارة الأميركية في هذا الموسم الانتخابي الحساس أقاموا الدنيا وأقعدوها ، وعقدوا مناحة لأن النمو في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من هذه السنة كان بمعدل 4ر2% سنوياً. مقابل 7ر3% في الربع الأول. والمقصود أن الاقتصاد الأميركي فقد الزخم والاستمرارية في الانتعاش والصعود بعد اجتياز أسوأ ركود اقتصادي عرفته أميركا منذ خمسة عقود.
الهدف السياسي من الضجة هو إسقاط مرشحي الحزب الديمقراطي الحاكم وإعطاء دفعة لمرشحي الحزب الجمهوري المعارض بحجة أن الإدارة الحالية فشلت في قيادة الاقتصاد الوطني ، خاصة وأن نتائج الانتخابات الأميركية تتقرر على ضوء الوضع الاقتصادي ، فإن كان جيداً أعطى الناخبون ثقتهم للحزب الحاكم ، وإن كان سيئاً أعطوا ثقتهم لمرشحي الحزب المعارض. ومن هنا جاءت مقولة الرئيس السابق كلينتون : إنه الاقتصاد يا غبي.
في أميركا لا ينسبون الناتج المحلي الإجمالي في أحد أرباع السنة إلى نفس الربع من السنة السابقة لاستخراج معـدل النمو لأن هذه النسـبة تدل على واقع السنة السابقة أكثر مما تدل على واقع هذه السـنة ، ولكنهم ينسبون كل ربع إلى الربع الذي قبلـه مع مراعاة المتغيرات الموسمية ، ثم يحولون النسبة إلى معدل سنوي.
النمو الاقتصادي بالأسعار الثابتة بنسبة 4ر2% ليس سـيئاً في اقتصاد كبير يخرج للتو من ركود عميق بعد الأزمة المالية والاقتصادية. ولكن الاهتمام هنا يتركز على الاتجاه ، فهو يدل على تباطؤ بدلاً من التسارع الذي كان منتظراً.
في الأردن كان النمو الاقتصادي للناتج المحلي الإجمالي بأسعار الأساس الثابتة 46ر3% فماذا سيكون في الربع الثاني الذي ستعلن أرقامه في الثلث الأخير من شهر أيلول؟ لا يهم كثيراً لأن الرقم أعلاه لا يقيس النمو في الربع الأول بل في سنة كاملة تبدأ في أول نيسان من عام 2009 ، وهذا ما يهم المؤرخين وليس صنّاع القرار المالي والنقدي.
إذا تحققت نسبة نمو أقل مما حدث في الربع الأول فسوف يفهم البعض أن عدوى التباطؤ لحقت بنا ، أما إذا تحققت نسبة أعلى فمعنى ذلك أن النمو الاقتصادي يتسارع.
استباقاً لظهور نتائج الربع الثاني فإن كل المؤشرات تعطي قراءات إيجابية باستثناء الصناعة التحويلية وأرباح الشركات. وقد حصل أعلى تقدم في قطاع السياحة. وحققت القطاعات الأخرى نسب نمو متفاوتة.
الراي
د. فهد الفانك