ماذا سيصنع النواب بقانون الانتخاب ؟
د. عدنان سعد الزعبي
29-03-2022 12:16 AM
المتبصر لمسيرة التطور التشريعي لقانون الانتخاب يجد وجود محاولات متعددة لوضع قانون يتلائم مع التطلعات الوطنية في الإصلاح والتنمية السياسية ، ويتلاءم مع طبيعة الواقع الثقافي والفكري والسياسي للمجتمع الأردني . وإذ يناقش مجلس النواب هذه الأيام مشروع قانون جديد للأنتخابات البرلمانية ، فإنما يؤكد تصميم الأردن على التقدم في العملية الإصلاحية ، خاصة وأن هذا المشروع جاء منسجما مع توصيات اللجنة الملكية المشكلة لإصلاح المنظومة السياسية وما خرجت به من تطلعات إصلاحية من خلال توسيع قاعدة مرشحي الأحزاب والشباب والمرأة ومحاكات القوانين والنظم العالمية في أعتى الديمقراطيات من أجل الولوج بالحالة الديمقراطية لمصاف الدول المدنية ذات الحكم القانوني والحكومة البرلمانية . فهل يدرك النواب هذا البعد أم سيمارسون دورا تعطيليا وفق قوى الشد العكسي التي لا تريد تغييرا والاصلاحا خوفا من القادم الذي سيعري كل من لا تنسجم عقليته مع العمل الإصلاحي الديمقراطي القائم على الحرية والعدل والمساوه .
منذ ان نشأت مسيرة الحياة البرلمانية في المملكة عام 1923م تزامناً مع حصول إمارة شرق الأردن على استقلالها رسمياً من بريطانيا. فقد حرص الاردن على هذا المنجز الوطني وهذا الاستحقاق القانوني للتعبير عن حالة الامن والاستقرار والثقة بالنظام السياسي العام بالدولة وترسيخ قيم المشاركة التي يتحمل فيها الشعب مسؤوليته في اختيار ممثليه , وتعزيز نهج حجم الشعب الحقيقي بممثليه لخدمة الوطن والمضي فيه . بعيدا عن التمثيل الصوري الذي لا يملك فيه النائب صلاحية التعبير عما يجول في خاطرة
بعد استقلال إمارة شرق الأردن عن بريطانيا في الخامس والعشرين من اذار عام 1923م،وتوقيع اتفاقية مع الحكومة البريطانية عام 1928م، وضع القانون الأساسي ( الدستور) للإمارة، والذي تضمن وضع قانون انتخابي لتنظيم انتخابات المجلس التشريعي ، حيث صدر أول قانون انتخابي في 17 حزيران 1928م متضمنا تشكيل مجلس تشريعي تنفيذي مشترك برئاسة رئيس النظار (رئيس الوزراء).
ورغم ضعف صلاحية المجلس التشريعي آنذاك (من الاول 1923- الى الخامس 1946) بعدم صلاحيته بقرار الثقىة على الحكومة والاستجواب والموافقة على الاتفاقيات الدولية والامتيازات الخاصة بالشركات , الا ان الممارسة الحقيقية كانت متاحة وكانت الرقابة على اعمال الحكومة وطرح الاسئلة وبحث مشاكل الناس والتشريع تمارس وتحقق النتائج.دون ان يكون للنواب حق اقتراح القوانين .
عام 1946 شهد الاردن احداث غيرت من مسيرة الحياة البرلمانية ، حيث شهد إعلان تحويل الامارة إلى مملكة كدولة مستقلة ذات سيادة. و إلغاء القانون الأساسي (الدستور) لعام 1928، ووضع دستور جديد ينظم شؤون البلاد، و ذلك في عام 1947م ليستمر حتى عام 1952 .
فرض قرار تقسيم فلسطين عام 1947م، وما أعقبه من اندلاع حرب عام 1948م، ثم قرار توحيد الضفتين عام 1950م _ ظروفا جديدة تطلبت من المرحوم الملك طلال بن عبدالله الاول ملك الاردن من وضع دستورا عام 1952 عرف عنه بأبي الدساتير يتلاءم مع الأوضاع الجديدة، و يتمتع بقواعد عامة واسس تبشر باعلى مراتب الحرية والديمقراطية وحكم الشعب , وينظم واقع العلاقة بين السلطات ويضمن قواعد الاستقلالية وفق اسس التكاملية والتعاون.واعتبر نقلة نوعية في مسيرة تعزيز المشاركة الشعبية والحياة النيابية في المملكة الأردنية الهاشمية من خلال مجالس تشريعية نيابية منتخبه، واستحدث مجلس الاعيان بعشرة اعضاء (نصف النواب) يختارهم الملك لمدة 8 سنوات يقترع على نصفهم كل 4 سنوات.
وطورت وظائف المجلس النيابي ومنح حق إقرار مشروعات القوانين سواء التي يقترحها أعضاء المجلسين أو التي تقدم إليه من السلطة التنفيذية.., ورقابيا ، فقد كان لمجلس النواب حق توجيه الأسئلة، وطلب مناقشة الموضوعات العامة، وتلقي الشكاوى من المواطنين. أما مجلس الأعيان فقد كان يتمتع بصلاحية توجيه الأسئلة وطلب مناقشة المسائل المتعلقة بالإدارة العامة, واصبح للنواب حق طرح الثقة بالحكومة وتصديق الاتفاقيات صاحبة الامتياز.
ترتب على احتلال الضفة الغربية في عام 1967م خلق فراغ دستوري استمر حتى عام 1978م حين تم تشكيل المجلس الوطني الاستشاري كصيغة جديدة لسد الفراغ الدستوري القائم.
كانت مهمة المجلس الاستشاري هي تقديم الرأي والمشورة للسلطة التنفيذية، والنظر في جميع التشريعات والقوانين التي تسنها الحكومة، ومناقشة السياسة العامة للدولة في إطار التعاون بين الحكومة وبروح المصلحة العامة.
وكانت مدة المجلس سنتين، على أنه كان يحق للملك حل المجلس في أي وقت وأن يعفي أعضاءه أو أي منهم من عضوية المجلس أو يقبل استقالته منه.
وقد تم تعيين ثلاثة مجالس وطنية استشارية خلال هذه الفترة، من نيسان 1978 لكانون الاول 1984.
حرص الملك الراحل الحسين بن طلال على تطوير واقع الوضع السياسي و تحقق الحلم الديمقراطي الاردني ، ومسيرة الوطن الاستراتيجية ، فسارع بالاعلان عن إعادة الحياة البرلمانية في كانون الثاني 1984م؛ حيث تم دعوة مجلس النواب التاسع إلى الانعقاد في دورة استثنائية ، والذي بدوره قام بتعديل الفقرتين الخامسة والسادسة من المادة (73) من الدستور بحيث أصبح من الممكن إجراء الانتخابات النيابية في نصف عدد الدوائر الانتخابية –فقط- في حالة تعذر إجراؤها في كافة الدوائر، على أن يقوم الأعضاء الفائزون باختيار ممثلين للدوائر الأخرى. وتنفيذاً لهذه التعديلات، فقد عاد المجلس المنحل (المجلس التاسع) إلى الانعقاد في شهر كانون ثاني / 1984 ويمدد له سنتان باسم المجلس العاشر ليصتدم باندلاع احداث عام 1989 والتي فرضت انتخابات جديده عام 1989 ، ثم انتخابات 1993’ ثم 1997(الثالث عشر)، ثم 2001 ثم2007، ثم 2010(السادس عشر) ثم 2013 ، ثم2016 (الثامن عشر) . ثم المجلس التاسع عشر في 10/11/2020
فهل سيكون المجلس ال20 مجلسا مختلفا ، وهل سيكون فاعلا ومطبخا سياسيا واقتصاديا بل شاملا يحقق للأردن أولى خطوات الإصلاح وعلى تنموذج النظام البريطاني . المسألة مرهونة بأعضاء المجلس الحالي بتعظيم شأن المشروع المطروح أمامهم ومن ثم بالمواطن الذي سيختار ،فصدق وحسن الاختيار الصحيح ولو مرة واحدة سيبشر ببداية صحيحة ، فهل نحن فاعلون . سنرى