يبدو أن هذا البرنامج يواجه صعوبات بالتمويل ، وهذا ما نستنتجه من متابعة الأخبار الشحيحة الصادرة عن مؤسسة الضمان الاجتماعي ممثلة بمديرها العام ، فعندما يقترح مدير عام الضمان قبل يومين في أحد لقاءاته أن يتم فرض ضريبة إضافية على أسعار السجائر تكون مخصصة لتمويل جزء من برنامج التأمين الصحي ، فهذا يؤشر على أفلاس تام في تأمين مصادر التمويل ، وهو بذلك لم يخرج بطريقة تفكيره في تمويل البرنامج عن النمط السائد والمعتمد منذ عشرات السنوات من قبل الحكومات المتعاقبة، وهو الرجوع دائماً إلى جيب المواطن .

نقول لمدير عام الضمان بأننا تحمسنا لفكرة التأمين الصحي الشامل الذي تمَّ الحديث عنه، على أن تكون الحكومة ، وهذا واجبها بالأساس ، الممول الأكبر لهذا البرنامج ، وتأتي بعد ذلك اشتراكات المؤمن عليهم كنوع من الدعم لهذا المشروع .

أما أن نرهق المواطن المثقل أصلاً بتكاليف العيش ونفرض عليه مزيد من الضرائب ، فهذا أمر مرفوض بالمطلق حتى لو امتطيتم حجة فرض الضريبة على مواد استهلاكية ضارة بصحة الأنسان ، وأنكم بهذه الضريبة تسعون لممارسة الضغط على المواطن للأقلاع عن هذه الممارسة السيئة للحفاظ على صحته ، وهذا الكلام ينطبق عليه مقولة " الحق الذي يراد به باطل " فأنتم يا عطوفة المدير العام تعلمون ، والحكومة تعلم أيضاً بأن الموطنيين لو أقلعوا جميعاً عن التدخين ،فإن ذلك سيتسبب بكارثة مالية لميزانية الدولة، عندما نعلم بأن عوائد الضرائب على السجائر تفوق المليار دينار سنوياً .

وهنا لا يسعنا إلا أن نقول ، لا لبرنامج التأمين الصحي الذي تتحدثون عنه طالما أن جل تمويله سيأتي من " جلد " المواطن ، وخاصة بأننا ندرك مسبقاً بأن هذا التأمين فيما لو وجد ، فلن يكون بالمستوى المأمول من الخدمات الطبية ، لا بل سيجعل من القطاع الطبي الخاص ،والذي جاء ببرنامجكم بأنه سيعتمد من أجل تقديم الرعاية الصحية للمشتركين بالتأمين، أقول سيجعل خدمات القطاع الصحي الخاص تنحدر إلى مستوى أدنى من خدمات التأمين الصحي الحكومي بحكم أن القطاع الخاص سيسعى لتحقيق أكبر مرابح ممكنة على حساب الجودة والنوعية .