الأزمة الأوكرانية بين الأهداف الروسية والنتائج المحتملة
الدكتور محمد خلف الخزاعلة
28-03-2022 11:57 AM
منذ بداية عام 2022 بدأت روسيا تبعث برسائل توحي بأن لديها نية لشن حرب قريبة على أوكرانيا، وذلك من خلال إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين روسيا وبيلاروسيا على الحدود الأوكرانية، ومن ثم إعلان الرئيس الروسي بوتين خلال خطابه الموجه للشعب الروسي، الذي اعتراف من خلاله باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرقي أوكرانيا وهما لوهانسك ودونيتسك، حيث كانت تهدف روسيا من هذه الرسائل منع أوكرانيا عن أي محاولة للتقارب مع الغرب (حلف الناتو).
بتاريخ 24/ فبراير/ شباط/ 2022 شنت روسيا حرباً على أوكرانيا وعلى مختلف المستويات والآليات، وكانت روسيا تهدف من هذه الحرب تحقيق جملة من الأهداف التي يمكن تناول جزء منها في هذه المقالة على النحو التالي:
1. البحث عن الدور والمكانة في السياسة الدولية وإعادة أمجاد روسيا الماضية، وإرسال رسائل للعام أنها موجود بقوة على المسرح الدولي.
2. السعي لإعادة أوكرانيا إلى روسيا، التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي في السابق على اعتبار أن روسيا هي خليفة الاتحاد السوفيتي.
3. قطع الطريق أمام أي محاولة تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية (حلف الناتو) تهدف لضم أوكرانيا إلى (حلف الناتو) مما يسمح ذلك بتواجد الحلف عسكرياً على الأراضي الأوكرانية، حيث تعتبر روسيا ذلك تهديداً لأمنها الاستراتيجي.
4. تغيير الحكومة الأوكرانية بحكومة جديدة تكون أكثر ولاء من الحكومة الحالية، أو إعادة الحكومة الأوكرانية السابقة التي تعتبر أكثر ولاء لروسيا.
أما فيما يتعلق في النتائج المحتملة من الحرب الروسية على أوكرانيا في حال استمرارها لفترة طويلة دون التوصل لحلول دبلوماسية بين الطرفين، فأن النتائج سوف تكون على النحو التالي:
1. أن النتائج المحتملة لن تقتصر على الدولتين، بل سوف تجر العالم إلى كارثة لا تحمد عقباها، وخاصة في مجال الأمن الغذائي، حيث بدأت بعض دول العالم تبعث برسائل تؤكد من خلالها تأثرها من تلك الحرب.
2. أن استمرت الحرب إلى فترة طويلة فإنها سوف تكون كارثية بجميع المقاييس على جميع مظاهر الحياة في أوكرانيا، بالإضافة لجعلها مسرحاً للإرهاب الدولي المتحفز، الذي سوف يجد في هذه الحرب بيئة مناسبة وخصبة للانتشار، وبهذا الخصوص تعتبر روسيا هي الخاسر الأكبر لأن هذا الإرهاب سوف يصل إلى بعض الحركات الانفصالية، خاصة في الدول التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي السابق بعد انهياره، وبالتالي سينتقل تأثيره إلى الداخل الروسي، ومن ثم تصبح أوروبا قبلته التالية.
3. سوف تؤدي هذه الحرب إلى انكماش الاقتصاد الروسي، وذلك بسبب فاتورة الحرب العالية، بالإضافة لتأثير العقوبات الاقتصادية النوعية والجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على روسيا، والتي قد لا تكون اثارها واضحة على المدى القريب بشكل مباشر، ولكن سيظهر تأثيرها على المدى البعيد سواء على حجم العلاقات التجارية الروسية أو على مستوى معيشة الشعب الروسي.
4. قد تكون الفائدة التي تحصل عليها روسيا من خلال بيعها الغاز مقابل العملة الروسية (روبل) محددة جداً، خاص أنها ستفقد كمية كبيرة من احتياطاتها من العملات الأجنبية (الدولار واليورو).
5. سعي الدول الأوروبية في البحث عن مصادر جديدة للطاقة بدلاً من المصادر الروسية، مما يجعلها تلجأ للطلب من بعض الدول المصدرة للطاقة رفع طاقتها الإنتاجية، حتى تتمكن من تلبية احتياجات السوق الأوروبية، وبالمقابل يرتفع سعر الطاقة عالمياً مما يؤثر على كلف الإنتاج، وبالتالي ينعكس تأثير على دول العالم، وخاصة الدول الفقيرة، مما يدخلها في أزمات اقتصادية ومالية كبيرة، وقد تلجأ الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية إلى التسريع في إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، بهدف الاستفادة من مصادر الطاقة الإيرانية.
6. بدأت ملامح الحرب الباردة تطفو على السطح من خلال حالة الاستقطابات التي يشهدها العالم، والتي قد تجر العالم إلى العودة لنظام المعسكرين الشرقي الذي كان يضم الاتحاد السوفيتي وبعض دول أوروبا الشرقية، والمعسكر الغربي الذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية، ولكن في هذه الحالة سوف تكون أكثر تأثير على العالم، وخاصة إذا انضمت الصين بشكل مباشر إلى المعسكر الشرقي، التي تعتبر في هذا الوقت قوة ضاربة في العالم وعلى مختلف المستويات.
اللهم احفظ الأردن عزيزا منيعاً أرضاً وشعباً وقيادة.