التصريح هنا هو تصريح العامل الوافد الذي يجب الحصول عليه حسب قوانين العمل. العامل الوافد في هذه الحالة من مصر الكنانة و له من السنوات 25 عاما عملٍ معي. نَعبرُ هذا المسار سوياً كل عام بإجراءاتِ تجديدِ تصريحِ عملهِ من ثلاثة مكاتب لوزارات الزراعة و الصحة و العمل. أحياناً نذهب لدائرة الأحوال المدنية لتصديق نسخةٍ من هويتي، و أحياناً للمركز الأمني لإثبات مسكن العامل. منذ شهر و يوم تقدمتُ لمكتب وزارة الزراعة بالطلب الاعتيادي لتفحص مكان العمل و السماح لي باستصدار تصريح العمل المعتاد له لكي يستمر بالعمل بستنجياً. لا ضير في الصحة فهي سريعة. و لكن الضرر في الزراعة للآن. في هذه الأثناء أجلس انتظاراً لموظفٍ متأخرٍ لكي يأتي والكتاب معه للتسليم من الزراعة للعمل. بين يوم تقديم الطلب و اليوم قمتُ ست مرات بالمتابعة الشخصية مع مكتب العمل الذي قال أن كتاب الزراعة لم يصله و من ثم مع مكتب الزراعة الذي سرد لي هذه الأسباب للتأخير مع الاعتذار و الرجاء بعدم المؤاخذة.
المدير لم يأت ليوقع. عدد الطلبات كبير. الطابعة لا تعمل. اللجنة لم تجتمع. الانتخابات البلدية. الكشف الحسي لم يحصل. حصل الكشف و الكتاب تحت التجهيز. المهندس هو الذي يطبع الكتب و هذا ليس عمله الأساسي. شوف الديوان. شوف المهندس. شوف المدير. بالطبع لجأتُ لشرح الحالة و دواعي الاستعجال و الاستعانة بصديق. كل هذا لم يُجدِ في أخراجِ الكتاب إلا بعد 31 يوماً أو 23 يوم عمل. و لا ألوم موظفاً و لا مديراً. هذا هو الحال. أما بمكتب العمل فكان عليَّ أن أعلم الإجراء الذي يبدأُ بالحصول على استثناء كون المزرعة خاصة. و هل هناك مزرعة عامة!؟ عموماً، النظام الإلكتروني تعطل و بقينا ننتظر. في هذه البرهة كتبتُ هذه الخاطرة من المقال.
و تمتمتُ لنفسي ان شيئاً ما في الحكومة الإلكترونية و النافذة الواحدة يفشلُ في رحلة التصريح باستثناء النجاح في كفاءة نظام "فواتيركم" عندما استخرجت الكوشان و المخطط. و عندما سأسددُ للتصريح. فالدفعُ بواسطته كان سهلاً عذباً. أما باقي الإجراءات للآن فهي رحلةُ تعذيب للعامل و صاحب العمل و ربما للموظفين كذلك. و قلتُ قطعاً يمكن أن يتحسن هذا الإجراء من أساسه و قطعاً أنه يمكن أن يتم إلكترونياً و من دون مشقة و مراجعة مكاتب وموظفين. و حتى بالمراجعة، لماذا الرحلة من مكتب لآخر بمواقع مختلفة؟ لكاذا لبس من مكانٍ واحد؟ و لماذا لا يكون هناك نظامٌ مثل "فواتيركم" سَمُّوه "معاملاتكم" يتابع هذه الإجراءات بمقابل؟ فإما المعاملات الإلكترونية الكاملة و التطوير الإداري الذي يحترم الزمن و الإنسان أو خصخصة المعاملات! و للخصخصة فوائد مهما كان. ليس أقلها تخفيف استهلاك الأعصاب وارتفاع الضغط.