مررتُ قبل مدّةٍ قصيرة بجانب مركز الحسين للسرطان , هذا الصرح الطبيّ الأردنيّ المُتميّز و في الحقيقة عدتُ لذكريات كنتُ فيها مرافقاً لفترة معيّنة لأحد الاصدقاء في هذه الرحلة الشاقّة , و تبادر إلى ذهني هذا السؤال ؟
لماذا اعتدنا في الأردن على لغة الذمّ ؟ بينما لغة الإشادة و التقدير أصبحت ضرباً من الماضي.
لذلك أكتب لكم اليوم عن مركز الحسين للسرطان , عن هذا المركز الشمولي الذي يساهم في تخفيف الألم عن أجساد غزاها هذا المرض اللعين , عن هذا الصرح الإنساني الذي لم يأخذ نوعاً من أنواع هذا المرض المُتعب ليتخصّص به و يحرم بشراً آخرين تنوّعت إصاباتهم به , بل جاهد ليكون حُضناً علاجيّاً شاملاً لكل أنواع السرطانات و لكل الفئات العُمرية و حتى لكافة الطبقات الإجتماعية , فإختصار الألم في هذا المركز و تخفيفه ليس حِكراً على الغني و ممنوعاً على الفقير , بل الكل في زواياه و تفاصيله سواسية.
ما يُميّز هذا المركز أيضاً هو توفيره المناخ المناسب ليكون صرحاً جاذباً لدراسة الأورام بصورة مباشرة , إذ يقدّم المركز برامج تدريبيّة مختلفة, فمثلاً برنامج زراعة نخاع العظم والخلايا الجذعية و الذي يُدرّب في مركز الحسين للسرطان يعدّ أول وأكبر برنامج متكامل ومتقدم في مجال زراعة نخاع العظم والخلايا الجذعية في الأردن والشرق الأوسط , هذا بالإضافة للعديد من المزايا التي مكّنت هذا الصرح الأردني العظيم من الحصول على أرقى و أقوى الإعتمادات العالمية.
تفاصيل كثيرة في هذا المركز جعلته قطباً في مجاله , فالتركيز على الجانب النفسي بالتزامن مع العلاج يُعدّ من ركائز الخطط العلاجية به, فأصبح معروفاً جداً بأنّ الجانب النفسي لأي مريض يساهم بمعدل النصف إن لم يكن أكثر في العلاج و التشافي بأسرع و أسهل الطرق , تُحسب للمركز أيضاً النظافة العالية و الإهتمام الشامل بالمرافق , فمن المعلوم بأنّ مريض السرطان يواجه في الغالب هبوطاً في فاعلية جهاز المناعة مما يعرّضه للعديد من الأمراض البكتيريّة و العدوى , لذلك يتمّ التركيز بحرفيّة عالية على النظافة لتكون عاملاً مساعداً في أمان رحلة العلاج , و بعيداً عن تفاصيل هذا الصرح الداخلية , فأيضاً من الخارج و بنظرة سريعة على المركز , يترك في مُخيلة من يراه طبعة جمالية مريحة للنظر , تساهم في إثراء الصورة الأنيقة التي نسعى و نطمح لتحقيقها بالصورة الأشمل في عاصمتنا عمّان.
و لأنّ هذا المركز هو بالدرجة الأولى حضن لكلّ أردني ضلّت صحته الطريق و تهاوت في رحلة الحياة ,علينا كمواطنين السعي لدعمه بشكل فعّال و جعله أولوية أمام أيّة عادات بالية , فمثلاً ماذا لو إستعضنا عن بعض تفاصيلنا الحياتيّة " كالطعام المُكلف و الذي يقدم في الأتراح أو حتى الأفراح " و التبرّع به لهذا المركز ليكون دعماً مباشراً في جهوده الطبيّة و الإنسانية و بالمحصلة ثواب ما بعده ثواب , التكافل المجتمعي و الوعي يعدّ من ركائز تقدّم أي مجتمع و هذا ما يجب علينا معرفته جيّداً.
في النهاية شُكر كبير بحجم السماء لسمو الأميرة غيداء، رئيسة هيئة أمناء مؤسسة ومركز الحسين للسرطان و التي بالتأكيد بلا جهودها الجبّارة هي و جميع القائمين على هذا الصرح لما أصبح وجهة سياحية أردنية مرموقة نتمنّى لها التقدّم , و لكل من يرتادونها الصحة و دوام العافية .