بداية تم استمزاج الاردن لدعوته لحضور اجتماع النقب لكن الاستمزاج قوبل بالرفض من لدن صانع القرار الاردني, حتى لا يقول احد ان الاردن لم يدعَ اساسا على الاجتماع, فلماذا تأييد عدم الحضور, بل ولماذا ضرورة الاشادة من كل القوى السياسية والاجتماعية بهذا الرفض, بعد ان اعتاد مزاج سياسي على تأويل وتفسير اي موقف اردني بمقاربات ذاتية معلبة, تأنف ان تشكر صانع القرار, وتعتبر الاشادة باي موقف رسمي نقيصة.
المصادر كلها تتطابق في تحديد اجندة الاجتماع, الذي يستضيف فيه وزير خارجية الكيان يائير لابيد في النقب على يومين وزراء خارجية عربا في اشارة إلى أهمية الكيان الإقليمية, بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من أجل محادثات ومشاورات رسمية وغير رسمية, من المتوقع أن تكون إيران على سلم الأجندة التي ستناقشها قمة النقب، كما من المتوقع أن تناقش القمة الوضع في أوكرانيا وإعطاء بلينكن الفرصة لتشجيع حلفاء واشنطن لتتماشى مع الجهود الأميركية لعزل روسيا.
اجندة الاجتماع او القمة, تتناقض منهجيا والموقف الاردني, الذي ما زال على موقفه الثابت والدائم من اولوية الحل الدائم والعادل للقضية الفلسطينية, بوصفها جذر الصراع في المنطقة واي تقارب او اقتراب من كيان الاحتلال, يجب ان يكون مربوطا بحل هذا الصراع, وكل صراع في المنطقة جذره كيان الاحتلال, ولأن الاردن وسياسته الخارجية الواضحة بعدم التدخل في شؤون اي دولة عربية, فهو لم يقدم رفضا او قبولا للتطبيع العربي, مع كيان الاحتلال, ومن يقرأ يعرف حقيقة موقفه, الذي يؤشر عليه بوضوح كامل زيارة الملك عبد الله الثاني الى رام الله اليوم, وهي زيارة لا تحتاج الى تحليل, لغاياتها ومضامينها وتوقيتها.
الاردن يدرك مدى خطورة الحرب الروسية الاوكرانية, ويدرك اكثر بأن ضميره الجمعي لا يقبل باحتلال دولة لدولة اخرى, لكن ادارة الولايات المتحدة لملف الحرب الروسية الاوكرانية يخلو من اي حصافة, بل ويتناقض تماما ونهج الاردن ومصالحه الوطنية, فمن جهة هو يصمت على كل جرائم الاحتلال الصهيوني, وبالمقابل يبكي على المدنيين الاوكران, وللاردن مصالح حيوية على حدودها مع سورية, محكومة قطعا بالموقف الروسي, الذي وقف مع امن الاردن ومصالحه على الحدود سواء ضد الانفلات الذي قادته قطعان الارهاب, او الانفلات الذي تقوده ميليشيات طائفية مدعومة من ايران.
لقاء النقب واجندته, لا تقترب بأي حال من الاجندة الاردنية سواء على المستوى الوطني او المستوى الاقليمي والقومي, فجاءت الاجابة سريعة على الاستمزاج بأن الاردن لن يحضر, بل سيكون الملك في رام الله, في رسالة هي الاكثر اهمية ووضوحا, فالحصار المفروض بشكل غير معلن على رام الله سيكسره الملك عبدالله, في خطوة تحمل كل الدلالة لشعبنا الفلسطيني على اختلاف الوانه السياسية, الذي يحتاج في موسم الانفتاح على الكيان الصهيوني, الى رسالة تقول ان هناك عقلا وصوتا ما زالا على وعدهما وعهدهما.
عدم المشاركة في قمة النقب رسالة اردنية تستحق التقدير, فهي تعبر عن الموقف الشعبي السياسي والضميري, وتؤكد بأن بوصلة الاردن لم تغير الاتجاه والمسار, فهي مضبوطة على التوقيت الوطني وحسب التوقيت المحلي للاقصى والقدس الشريف, وعلى الاخرين مراعاة فروق التوقيت.
omarkallab@yahoo.com
الرأي