هل تعاني مسيرتنا من الانفصام الديموقراطي ؟
د.محمد البدور
25-03-2022 03:37 PM
مابين المدنية والعشائرية احترنا كيف نسير او نمضي للامام في ركبنا الوطني فهذا هو الثوب المدني كما تقدمه خطط الاصلاح الحكومية مطرز بخيوط الحزبية والمشاركة السياسية والتنافسية من خلال مظلات وطنية منظمة تكون مخرجاتها قوى تمتلك برامج وخطط ورؤى مدروسة وقرارات ترتكز على مرجعيات عميقة في طرحها الوطني قادرة على الاخذ بمعطيات الحاضر ومتطلبات المستقبل وتقيم الانجاز وتواجه القصور في السياسات العامة وفق استقراء لما يدور حولها على الساحة الوطنية ونقدها او مباركتها وفق اطر ناتجة عن الرأي الجمعي لتلك القوى.
وبالمقابل لهذا التوجه الوطني لمدنية الدولة وحداثتها هناك واقع اجتماعي ساهمت فيه صناعته وعززته الدولة نفسها عبر حكوماتها التي خلت بها السنين ويتمثل بامتطاء صهوة جواد العشيرة او القبيلة كلما توجهنا الى مواقع وميادين صناعة القرار اواقبلنا على اي مناسبة ديموقراطية عامة وتفرز مخرجاتها قوى وطنية تستحق الاحترام تستند الى قواعد مجتمعية قبلية اساسها التكتل السكاني والرضا الاهلي في المنطقة والقبيلة واحكامها السيرة الحميدة او الجاه والمال لمن استحوذ على خيارها والغلبة لمن امتلك العدة والعدد للاقارب والمقربين والمتحالفين.
وليس من شروطها او متطلباتها ان تستند الى مرجعيات وقوى تمتلك برامج او رؤى او طروحات لتقييم الاداء وجودة الخدمة الا بقدر الذي يتمكن فيه من وقع عليه الاجماع من تلبية الطلبات والخدمات لجماعته وهذا هو التيار السائد في مناسباتنا الديموقراطية.
وامام هذين التيارين الوطنيين كيف ستنجح الدولة في تزاوجهما الديموقراطي للخروج برداء وطني معاصر قادر على الاخذ بيد الدولة الاردنية الى ميادين التطور والانجاز والتغير نحو الافضل ونحن نرى تزاحم الامم والشعوب في اثبات وجودها وحضارتها بما تقدمها لنفسها اولا.
انني اعتقد انه لابد من اخذ المصلحين والوطنيين والاعلاميين ومنظمات المجتمع بدورهم في اصلاح النمط الاجتماعي والارتقاء به
لان تكون ممارساتنا الديموقراطية الشعبيه وخياراتها مبنية على اختيار من هو مؤهل لخدمتنا ولديه من البرامج والرؤى والخطط والقدرات ليستحق خيارنا.
وسنجد مشقة بذلك لان الاولوية لاخي ومن ثم لابن عمي ومن ثم لابن منطقتي وهكذا تدار الديموقراطية الشعبوية خاصة اذا فشلت الحكومات في ايجاد الاطر الصحيحة لممارستها.
والمقصود بها الاحزاب وتطوير قانون الانتخاب وحريات التعبير الناقدة الرشيدة وغيرها وعلى الدولة ان تعيد النظر في الانظمة وقوانين الانتخاب ونحن نرى صراع الجماعات العشائري يعصف بوطننا هنا وهناك.
وامام هذا الواقع للوجه الديموقراطي فلا بد من وجود خلل ما عزز من تلك الانتماءات المناطقية على حساب الانتماء للمصلحة العامه وجعل من مجتمعنا كنتونات عشائرية وجهوية متنافسة ومتصارعة احيانا والسؤال الاخير الذي اطرحه كيف لعالم او متعلم او مبتكر او مفكر بيننا لايملك لاعدة ولا مال ولارجال ان ينجح في اي سباق وطني ديموقراطي ؟ لن ينجح الا اذا نجحت اصلاحاتنا ومضينا في ركب الدولة المدنية الحزبية المعاصرة هكذا نرى شعوب الدنيا والدول المتقدمه تسير وهي ليست افضل منا.