لن أنزعج من كل الذين ينتقدون العشائر لو كان الانتقاد مبنياً على أساس الانحياز لها لا الانحياز للوطن، ولكن الذي أزعجني، هو أن يكون اللمز والغمز من قناة العشيرة، مع أن العشائر قدرها أن تكون المكوّن للاردن.
هذا المكون لم يرفض أي شخص أخر، عربياً كان أو أجنبياً ليكون مواطناً أردنياً وحتى الذين لم يحملوا الجنسية الاردنية.
أنا ابن عشيرة، من عشائر هذا الوطن، ولكني ابن وطن يقدم مصالح وطنه على أي مصلحة عشائرية أُخرى، سواء مصلحة أشخاص أو مصلحة جهة، هذا لا يعني أن ليست للعشيرة أو الأشخاص أو الجهات حقوق وطنية، طالما كل هذه الأطراف توجد على الارض الاردنية.
أما أن تظل العشائر منصة للقصف من قبل جهات أو أجهزة أو أشخاص، وأن العشائر سبب الخراب والدمار والتعصب والانغلاق المجتمعي واحتكار المناصب والوظائف والثروة وكل ما فيه منفعة، فهذا ليس صحيحاً على الإطلاق، لا بل هو الظلم بعينه للعشائر.
وللتوضيح لكل من أصابه العمى، أو لغاية التجني، فإنه ليس كل من تولى منصب رئيس وزراء أو رئيس مجلس أعيان أو نواب أو رئيس ديوان أو مدير مخابرات أو أو أو ، صارت عشيرته كلها وزراء ونواباً وأعياناً ومخابرات وصار أبناء العشائر أثرياء وفي أفواه أبنائهم ملاعق من ذهب.
أجزم أن كثيراً من الأشخاص الذين يحمّلون العشائر، ما ليس لها به ذنب، إنما هم يعرفون الحقيقة بأوضاعها المادية ولما وصل اليه أبناؤها في ظروف حياتية صعبة في المعيشة والتعليم والصحة والوظيفة وأن البطالة التي عمّت كل شباب الوطن، جزء كبير وكبير جداً منها شباب العشيرة، فأي ميزة لأبناء العشائر عن غيرهم من الاردنيين؟!
وفي الوقت الذي ينتقد البعض فيه العشائر لإقدامها على الانتخابات، فهذا الإقدام فرضته جغرافية الوطن، من جهة، ولأن المكون الحزبي أو المجتمعي في بعض المحافظات لم يعد راغباً في خوض الانتخابات لأسباب كثيرة، من جهة ثانية، ومع ذلك فقد أحجم كثير من أبناء العشائر عن المشاركة في العملية الانتخابية، سواء النيابية أو البلديات واللامركزية، لذلك جاءت نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية والبلديات وأمانة عمان متدنية.
على الصعيد الشخصي، وكمواطن اردني وابن عشيرة، يفترض أن أكون شاركت في جميع الانتخابات النيابية والبلديات التي مضت وحسب القانون من حيث العمر ومن عام ١٩٨٩ ولغاية انتخابات ٢٠٢٢ ومع ذلك لم أشارك لأكثر من مرتين أو ثلاث، إمّا لعدم قناعتي بالعملية الانتخابية أو لظروف العمل، والتي حالت دون المشاركة في الانتخابات التي جرت قبل أيام.
السؤال الكبير، ماذا لو لم تشارك العشائر في الانتخابات الأخيرة- ياريت- هل تكون في الاردن انتخابات؟!