آذار بين التعريب والكرامة
الدكتور محمد خلف الخزاعلة
24-03-2022 10:06 AM
في 21 آذار من كل عام يحتفل الأردنيين بمناسبة عزيزة على قلوبهم، إذ تعتبر هذه المناسبة انطلاقة حقيقية نحو تاريخ جديد، ونقطة تحول في عهد المملكة الأردنية الهاشمية، وفي الوقت نفسه اعتبارها الأردنيين بأنها قرار جريء اتخذه المغفور له جلالة الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه، إلا وهو تعريب قيادة الجيش العربي الأردني ونقل القيادة من اليد الأجنبية إلى اليد العربية، حيث جاءت هذه الخطوة في ظل ظروف صعبه تعيشها الأردن، إلا أن جلالته تمكن من خلال نظرته الثاقبة وقراءته للمستقبل، بأن يعتبر هذا الوقت وبالتحديد 21/ اذار/ 1956 هو الوقت المناسب لاتخاذ مثل هذا القرار المفصلي، وذلك إدراكاً منه بان قوة الدولة تكمن في قوة جيشها المسلح بالتدريب والمعنويات العالية، ويدلل هذا القرار بأن المغفور له جلالة الملك حسين بن طلال طيب الله ثراه رغم أنه لم يمضي فترة طويلة على تسلمه سلطاته الدستورية، بأنه يملك الإرادة والعزيمة والشجاعة على اتخاذ مثل هذا القرار في هذا الوقت الصعب.
وتزامن هذا التاريخ مع مناسبة أخرى تتمثل بتأسيس الإذاعة الأردنية (صوت الحق)، التي صدحت من خلالها حناجر الأردنيين بكل معاني الفخر والاعتزاز بما حققه الأردن قيادة وشعب من تقدم وازدهار وصمود أمام كل التحديات، حيث أنها منذ تأسيسها واكبت جميع الإحداث والتطورات التي مرت بها المملكة الأردنية الهاشمية على مختلف المستويات.
كما أن شهر آذار يحظى باهتمام كافة الأردنيين، لأنه يخلد ذكرى عزيزه على قلب كل أردني، ذكرى معركة الكرامة الخالدة، التي سطر من خلالها الأردنيين أعظم ملامح البطولة والتضحية والفداء، حيث قدموا الشهيد تلو الشهيد من أجل ثراء الوطن الغالي لكي يبقى عزيزاً منيعاً بعون الله، وسجلت هذه المعركة نقطة مضيئة في صفحات المجد والتاريخ، حيث قاد جلالة المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه هذه المعركة والإشراف على حيثياتها بشكل مباشر، وتمكن من خلال ذكائه وحكمته رغم الظروف التي كانت تعيشها الأردن وخاصة بعد مضي عام تقريباً على حرب 1967 بين العرب وإسرائيل، التي ابلى فيها الجيش العربي الأردني بلاء حسنا، أن يقود الأردن إلى بر الأمان، حيث أظهرت هذه المعركة تلاحم الشعب مع القيادة في الدفاع عن الأردن، وتعتبر معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ النضال العربي ضد إسرائيل، حيث أنها حطمت مقولة إسرائيل التي تقول بأن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، كما أن رجال الأردن رجال الجيش العربي الأردني اثبتوا في هذه المعركة حبهم واخلاصهم وانتماءهم لثراء الوطن الغالي على قلوبهم، حيث كانوا ولازالوا شهداء معركة الكرامة الخالدة رحمهم الله محطة اعتزاز وفخر لجميع الأردنيين.
وتزامن تاريخ هذه المعركة مع مناسبة أخرى عزيزة جداً وهي عيد الأم، والأمهات الأردنيات هن اللواتي صنعنا المجد والكرامة، وهن أنجبنا الرجال الذين قدموا ارواحهم رخيصة من أجل الوطن، حيث يقول الشاعر
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، الأم هي التي تهز السرير بيمينها وهي التي تهز العالم بيسارها، وهن اللواتي وقفنا مع الرجال جنبا لجنب في جميع ميادين الحياة.
ألف رحمة وسلام لجميع الأمهات اللواتي فقدناهن، وكل عام وجميع الأمهات الاحياء بألف خير.
اللهم احفظ الأردن عزيزاً منيعاً أرضاً وشعباً وقيادة.