السر في طلب الملك عبدالله دراسة فقه الإمام النووي
نور الدويري
23-03-2022 08:45 PM
توجه الملك منذ أكثر من عام للحديث حول تفكيك العولمة وجمعها من جديد لضبط حالة الفوضى التي أصابت العالم، وهذا دفعني لأكتب تصورا في رؤية جلالته في حينه بشهر نيسان ٢٠٢٠، لنعود اليوم مع توجيه جديد لدراسة أحد فقهاء عقيدة الأشعرية والتي لا تخالف الأئمة الأربعة إنما تحرص على دفع العقل لتغليبه على العاطفة، ومنح العقلانية فرصة لتفكر بقياس الحالة العامة وفرض المحددات والفرص المتاحة أمام الممكن للإنسان لحثه على التفكير والتأمل.
لاشك إن العمق الذي يبحث عنه جلالته يحتاج إعادة ربط عناصر قيام الدولة وتصميم ثوب يناسب مقاس العصر دون خرق العقيدة.
ولأن الأشعرية تهتم بالدليل القاطع للعقل، يدفعنا هذا للتأكد إلى أن رؤية الملك الإصلاحية الشاملة، ترتبط بأربعة محاور :
أولا : تغليب العقل على العاطفة، وهذا يدعو لدفع بأمر القياس، والمنطق في الأمر بما يستدعي الحفاظ على ثلاث ( الشعب، الحكم، الأرض).
ثانيا: قيام المناصحة، وهو فتح المجال للدفع برأي في مسألة عامة وهذا الأمر تحديدا يحتاج معايير وأسس ، لا يجب أن تنحصر بفئوية بل تقبل فيها الحجج والمناظرة بين أبناء الوطن الواعي، فأمر المعروف والشورى اليوم يختلف عن أمرهم قبل ألف عام ذلك لأن مسؤوليات الدولة العصرية تختلف عن دولة الفتح أو دولة الحصر.
ثالثا: منع الإكراه، وإفحام الخصم، وهذا أيضا يدفع بفلسفة عميقة تناسب التوجه للحداثة، وفيها أن يوجد في هذه الدولة جمهرة من المفكرين، والمفكرات المتوازنين في الطرح، عميقين في الدفع للمعنى، لدفع الشباب لإدارة الغضب، وفك السجال لا سيما سياسيا والذي يجب أن يدفعهم للاقناع بعقيدة الوطن لا شيء سواها.
رابعا : إحياء منهج الإستدلال والتلقي، ولهذا معان عديدة تدفع بوضع معايير محاسبة قوية حول مواطن الإختلاف، مثل : ديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، ثم إنشاء مجمع فلسفي شاب يقوم على تخصص الإستدلال والتلقي، وخلافه بهدف توحيد الآليات، ونمطية العمل، ومنح العدلية ، في معايير محددة تحصر الفساد وتقننه، لأن إدعاء موطن الفضيلة لم يتحقق ولا حتى في أزمنة الأنبياء وألق رسائلهم .
لابد أن نعي أن رؤية الملك المنطقية اليوم تدفع بتأمل الحالة العامة التي تسير في خطوط متوازية لا تتقاطع مع بعضها إلا في ظرفيات صغيرة مما دفع ببقاء الفوضى في قائمة إحياء الدولة الثلاث : (السياسية والإقتصادية والإجتماعية) فلا يقوم النضج السياسي في أمة بدون راحة العباد إقتصاديا، والتي ستؤثر على سلوكياتهم الإجتماعية، وتدفع بدفن عادات الفزعة، وثورة الغضب، والتنمر، وتدفع بالتي هي أحسن، ويقوم العمران، وتصنع الأحزاب الحقيقية، وهنا يتحقق شرط الخطوط المتقاطعة لتشكيل هيكيل متوازن يحمل الدولة للمئوية الثانية.
وإن هذا الفكر الذي دفعنا الملك لتطويره، هي البداية المنطقية لوضع الأردن كمدينة سلام، وفلسفة فكرية، تدفع بتطوير فكر نهج الحكومة، والشباب، وإعادة تأهيل الانساق الإجتماعية، تضع الخصوم على طاولة واحدة، وتصنع أمة معاصرة تُقبل على الحداثة بتضمين عقائدي لا يجلب الجدل بل يحسم الصدام ويصنع نواة اتفاق ممكنة.
وبما أنني كتبت سابقا عن توجيه الفكر العربي و الأردني فإنني سأستمر في تقديم المزيد من هذه الأفكار وتوسيعها التي أرى صلاحيتها قابلة للنقاش، والقياس، لدفع بإنهائها بالاتفاق، والتطبيق، لأضعها أمام الملك، وأمام الملأ، بصفة مواطنة، تقوم لدي مسؤولية وعي، وترسيخ العقل على العاطفة، لأتقدم منكم بالمناصحة التي تدفع بتطوير أربعة : ( الشباب، استخدامات العولمة، نهج الحكومة، تطوير الاعلام ) .
وليكن الوطن في عهدة الأمناء .