العملية ناجحة والمريض مات!
د. فهد الفانك
14-08-2010 04:57 AM
في عددها الصادر في 4/8/2010 تقول الصفحة الاقتصادية في (الرأي) أن أسعار أسهم 78 شركة مدرجة في بورصة عمان دون قيمتها الاسمية وأن أسعار أسهم 32 شركة منها أقل من نصف دينار. هذا وضع محزن وغير منطقي ولا يمكن أن يستمر.
هذه الشركات إما أنها غير مجدية أصلاً، وغير قادرة على البقاء وهذا ما نستبعده، وإما أن هناك عيباًً في سلوك المتعاملين في السوق المالي أدى إلى هذه النتيجة الكاريكاتورية.
كنت أتمنى لو أن المحرر تابع هـذه الملاحظة الهامة وبين لنا ما إذا كانت هذه الشركات رابحة أم خاسرة، وما هي القيمة الدفترية لحقوق المساهمين، وهل وزعت أرباحاً خلال السنوات القليلة الماضية؟؟.
غرابة السلوك في بورصة عمان لها مظاهر أخـرى. وعلى سبيل المثال فإن البنوك والشـركات التي أعلنت في الصحف عن ارتفاع أرباحها عن النصف الأول من هذه السنة انخفضت أسعار أسـهمها في اليوم التالي!!.
المفروض أن المتعاملين في سوق عمان المالي كانوا ينتظرون النتائج النصفية للشركات لكي يقدروا الأسعار العادلة لأسهمها، ولكن تبين أنهم ينوون تقدير الأسعار بعكس اتجاه الأرباح، تطبيقاً للمثل القائل شاوروهم لتخالفوهم!.
في بلاد الأزمة (أميركا) ارتفع الرقم القياسي لأسعار الأسهم هذه السنة بشكل ملموس، وظلت الأسعار تتأرجح لأسباب منطقية، بموجب مؤشرات معروفة مثل: معدل النمو الاقتصادي، أسعار البترول، معدل البطالة، نسبة التضخم، مبيعات المفرّق، ثقة المستهلك إلى آخره.
أما في بلدنا الذي حقق نمواً إيجابياً في فترة الأزمة العالمية، ويتوقع أن يبلغ التضخم فيه 5ر5% هذه السـنة، وتستقر معدلات البطالة والفقر، وترتفع الصادرات والمستوردات، وتزدهر السياحة، وترتفع حوالات المغتربين، فإن المتعاملين في بورصة عمان لا يريدون أن ينتبهوا إلى الحقائق وان يتصرفوا على ضوئها.
توقعنا أن ترتفع الأسعار في بورصة عمان معتمدين على المعطيات الاقتصادية والمالية، فانخفضت بدلاً من أن ترتفع، ولا نسـتطيع أن نقـول أن توقعنا كان صحيحاً وأن ما حدث في السوق كان خطأ، وإلا فإننا نكون مثل الطبيب الجراح الذي خـرج من غرفة العمليات وقال لأهـل المريض: العملية كانت ناجحة تماماً والحمد لله، ولكن المريض مات!.
الرأي