مع كل موسم من مواسم الانتخابات في الاردن يكون سؤال المشاركة هو الاهم ،فالدوافع التي تجعل الاردني يخرج من بيته يوم الاقتراع الى الصندوق تغيرت خلال ثلاثة عقود، فمن خرج الى انتخابات عام 1989 كانت لديه دوافع ومصالح مختلفة عمن سيخرج بعد يومين للانتخابات البلدية.
وربما علينا ان نعترف ان الدافع الاجتماعي والرابطة العشائرية مازالت تمثل الدافع الاول لدى نسبة ليست قليله من المواطنين للذهاب إلى الصندوق ،وعلينا أن نعترف ايضا ان تشتت العشائر في مواسم الانتخابات ووجود عدد من المرشحين من كل عشيرة اضعف الدافعية لدى الناس ،وكان على من مارسوا لمصالح آنية عملية تشتيت واضعاف العشائر الكبرى في مواسم الانتخابات ان يدركوا انهم اليوم قد عززوا حالة العزوف ،لان قيمة الصوت ضعفت ولم يعد مؤثرا عندما يكون عدد المرشحين في العشائر الكبيرة كبيرا لان فرص النجاح تضعف.
لكن هذا الواقع لم يفقد العشائر والعائلات مكانتها كقوة الدفع الاولى حتى الان في مواسم الانتخابات.
ولان الانتخابات موسم مصالح للمرشحين سواءً كانوا افرادا او منتمين لقوى سياسية فان نسبة من الناس تبحث عن مصالحها ولهذا فالسؤال الخدماتي حاضرا في موقف نسبة من الناخبين ،التعيينات والخدمات الفردية وحتى شراء الاصوات الاسم الحركي للرشوة وغيرها من المصالح تظهر بوضوح في مواسم الانتخابات.
المصلحة العليا للدولة تقتضي ان تكون هناك مشاركة ضمن المعدلات المعروفة اي ما بين 40-60%، لان ضعف المشاركة يعني اضعاف لشرعية الفائزين حتى لو كان فوزهم قانونيا ،لكن من الناحية السياسية يبقى ضعف المشاركة مشكلة تستدعي البحث عن حلول .
في الانتخابات النيابية الاخيرة وبعد ان ظهرت النتائج وتبين ان نسبة المشاركة 29% ،كان الامر مقلقا، وفرض التفكير بالطريقة التي تدفع الأردنيين للمشاركة في انتخابات 2024 ،ولعل ما جرى من خطوات تشريعية لتحديث منظومة القوانين السياسية جزء من هذه الحلول .
الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات مهمة ،ونسبة المشاركة مهمة ايضا ومؤشر على القادم ،ونتمنى أن يذهب الناس الى الصناديق لكن علينا ان لا ننسى ان شبح القضايا الاقتصادية سيظهر في هذه الانتخابات بشكل اكثر مما مضى ،لكن علينا ان نبقى نعمل لتكون مواسم الانتخابات السياسية ذات مشاركة معقولة ،لكن هذا لن تحققه يافطات في الشوارع تدعو للمشاركة بل عمل اهم من ذلك بكثير...