عجز مالي في موازنة العائلة
د. فهد الفانك
13-08-2010 03:58 AM
تقول إحدى مسوحات دائرة الإحصاءات العامة أن العائلة الأردنية المتوسطة تنفق سنوياً 7057 ديناراً من أصل دخل لا يزيد عن 6166 ديناراً، وتدبر حوالي 890 ديناراً بشكل أو بآخر. أي بعجز سنوي يعادل 6ر12%.
هذه الظاهرة الغريبة التي وردت في مسح يخص سنة 2008 كانت قد تكررت في المسوح المماثلة التي تجري كل سنتين، أي أنها ظاهرة مستمرة كان يجب أن يقف الإحصائي تجاهها ناقداً.
صحيح أن العائلة قد تنفق أكثر من دخلها إذا باعت بعض موجوداتها، ولكنها لا تواصل عمليات البيـع سنة بعد أخرى. وتسـتطيع أن تفعل ذلك عن طريق الاقتراض من البنوك أو الأقارب والأصدقاء، ولكن الاقتراض له حدود ويستوجب السداد.
يذكر أن هذا السلوك ينطبق أيضاً على العائلات تحت خط الفقر، مع أن الفقراء لا يملكون الكثير مما يمكن بيعه، كما أن البنوك لا تقرض الفقراء.
الأصل في السلوك الاقتصادي للعائلة أن تنفق أقل من دخلها وتدخر الباقي، الأمر الذي يثبته أن هناك من يستثمر في العقار أو الأسهم أو الودائع المصرفية مما يجب أن يكون مدخراً.
موازنة الدولة تسير بنفس الاتجاه، فقد ذكر وزير المالية أن بند الرواتب والتقاعد يصل إلى 9ر2 مليار دينار، أي أكثر من حصيلة الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات وضريبة الدخل، فالمطلوب من الخزينة أن تنفق أكثر من دخلها سنة بعد سنة.
هناك عدة فروقات بين موازنة الدولة وميزانية العائلة: الفرق الأول أن الخزينة تقترض الفرق وتراكم الديون، وهذا الأمر غير متاح للعائلات، والفرق الثاني أن عجز موازنة الدولة حقيقـة موضوعية، في حين أن عجز موازنة الأسرة لا يمكن أن يكون صحيحاً، والأرجح أن أكثر العائلات لم تعترف بدخلها الكامل، أو بالغت في تقدير نفقاتها، مما جعل الإحصاءات العامة تصل إلى نتائج غير مقنعة.
في المرات القادمة ربما كان على العداد أن يسأل العائلات التي تدّعي أنها تنفق أكثر من دخلها عن مصادر تمويل الفرق.
أغلب الظن أن بعض المعلومات تؤخذ من العائلات هاتفياً، خاصة بعد أن وصلت نسبة انتشار الهواتف 106%، وأن العداد يقبل الإجابات العشوائية السريعة ولو كان خطأها واضحاً.