أبناؤنا هم الإمتداد الطبيعي لنا ولإكتمال وجودنا على هذه الحياة... فنعمة الأمومة والأبوّة هي هبة توارت الحياة الأقدم التي شكلت عموداً مهماً من أعمدة التاريخ البشري الذي قامت به الحضارات المختلفة وتناقلت الأجيال منه سُنة العيش، فالأمومة والأبوّة هما العمل الإنساني الأنبل في الوجود، لأنه عمل مجاني محض تكلله النوايا الطيبة ولهفة التشبت بالحياة وفن تعليم العيش الأفضل لأبنائنا من بعدنا.
لكننا للأسف نشاهد في بعض الشوارع أطفالاً لا يحملون من طفولتهم سوى الاسم فقط بعد أن غابت عن ملامحهم الإبتسامة وحلت مكانها علامات البؤس والشقاء وأحياناً الإنحرافات السلوكية بشتى أنواعها ... وقد نشاهد بعضهم في التجمعات بعد أن تركوا بيوتهم ومدارسهم للعمل، إما قسراً بسبب إنعدام الإنسانية في قلوب أهاليهم، أو طوعاً بعد أن زحف شبح التفكك الأسري على بيوتهم، ليصبح الشارع هو الملاذ الواسع والمخيف لهؤلاء الأطفال!!.
من منا لم يشاهد هؤلاء الأطفال على الإشارات الضوئية؟!!.. يحاولون بيع العلكة أو الورد أو البالونات والتي قد تبدو في ظاهرها كمحاولات للبيع، وهي في حقيقة الأمر عبارة عن تسوّل لا أكثر ولا أقل!!!.فبدل من أن يقوم الطفل بسؤال الناس عن النقود نجد أنه يحمل في يده أي شيء للبيع... كما ويقوم بمسح زجاج السيارات دون رضى أصحابها حتى، أملاً في الحصول على بعض المال... هذه المشاهد تؤلم كل من يراها، لكن أكثر ما يثير السخط والحزن معاً هو عندما نشاهد بعضاً من هؤلاء الأطفال في أعمار صغيرة جداً قد لا تتعدى الخمس أو ست سنوات!.
أطفال أجبرتهم الظروف القاسية على العمل، فتخلوا بذلك عن طفولتهم سعياً وراء لقمة العيش، ومارسوا أعمال الكبار بشروط السوق التي لا ترحم؛ مما يعرضهم للعنف والقمع حتى أصبحوا بحق أطفال الشقاء والحرمان!!... فهم لم يعرفوا شيئاً عن طفولتهم التي يجب أن تكون من أجمل سني عمرهم.. لكنهم تحت ظروف أُسرية صعبة تركوا المدارس وإنطلقوا نحو الورش والمحاجر وإصلاح السيارات... هناك حيث لا أحد يرحم طفولتهم أو يشفق عليهم، فلا بد أن يدفع الطفل من كرامته وحريته وآدميته الكثير مقابل الحصول على بضعة دنانير.
أطفالنا هم ثرواتنا الحقيقية على هذه الأرض المباركة، ورعايتهم من كافة النواحي لحين وصولهم لسن الرشد هي المسؤولية الواجبة والأهم بالنسبة لأي أُسرة... لذا فمن الضروري فعلاً أن تشدد العقوبات بحق كل أب وأم موجودين على قيد الحياة وبكامل قواهم العقلية سولت لهم أنفسهم أن يتركوا أبنائهم عرضة للمخاطر والإمتهان عن طريق تشغيلهم في سنين طفولتهم البريئة!!.
Diana-nimri@hotmail.com
www.diananimri.com