لا الشعرُ يمكنهُ رأبي ولا البَشَرُ
إنّي بحجمِ الدُّنى محزونُ أنفَطِرُ
لا شيءَ يحملُ في طيّاته رَغَدي
روحي تئنُّ وجلدي لونُهُ الكَدَرُ
قد راحَ من كانَ في أهدابِهِ سَكَني
يا والدي ما كمثلي اليومَ منكَسِرُ
أخبئُ الدمعَ علَّ الناس تتركُني
إذا أفاضوا تركتُ الدمعَ ينهَمِرُ
أمشي وتمشي معي الأحزانُ قاطبةً
أبكي فتبكي معي الأشياءُ والدُّثُرُ
كم كنتُ أرفضُ أنّي مُدركٌ زمناً
أراكَ فيه على كفيَّ تحتَضِرُ
عانيتَ حتى صَحِبتَ المُرَّ مقتنِعاً
خيّرُ العبادِ بعَضْلِ الدّاءِ يُختَبَرُ
داءٌ سَقيمٌ يَمُكُّ العظمَ تصفيةً
لله درّك كم كابرتَ تصطَبِرُ
كم كنت تضحكُ عبر الآهِ مُحتملاً
لأواءَ تنهشُ لا تُبقي ولا تذرُ
جُرّعتَ كلّ هموم الضرّ حنظلها
قلَّ الخِضابُ دماً والسمعُ والبصرُ
وقلتَ لي يا طبيبي أنتَ تعرفني
لمّاحُ يُعجلُهُ إن راوغوا خبرُ
هل يَرجِعُ النّورُ للعينينِ يا ولدي
يكادُ هذا الدُّجى في الرّوحِ ينتشرُ
أنا الذي جابَ أنحاء المَدى سَفَراً
على سريرٍ بقهر العجزِ أعتَجِرُ
لِما حنينكَ مُزدادٌ ومُنسَكِبٌ
أأن دنا من فؤادي حتفُهُ الخَطِرُ
قد عشتُ حرّاً مُصاناً سيّداً وَقُرا
راضٍ بما جاءني من غيبه القَدَرُ
فلا تَخَفْ إنّ روحي ترتجي شَغَفاً
لقاء ربٍّ إليه الأَوبُ والنُّشُرُ
وَقْعُ الفجيعةِ أدمى كلّ عاطفتي
أغيهبُ اللّحدِ ذا إياكَ ينتَظِرُ
كيف الهروبُ من الأفكار تأخُذُنا
إلى حبيبٍ ببهْو القلبِ يستترُ
هل يا أبا العَوْدِ من عَوْدٍ فيُسعِدُنا
هل من مَنارٍ إذا أسرى بنا العُمُرُ
أقدارُنا نَزَقٌ في كفِّ لاهِيَةٍ
تعلو بنا تارةً من ثَمَّ تنحَدِرُ
رحىً تدورُ بلا هوْدٍ فتطحنُنا
حَبّاً يُقرّبُهُ من حتفهِ حَجَرُ
كم راحلٍ كان بالأمسِ القريبِ هنا
سُمّاره الليّلُ والأصحابُ والقمرُ
حتى أتاهُ فَناءٌ مُطبِقٌ لَجِبٌ
كأنّما لم يكن من قبلهِ أثَرُ
أما اتعظنا من الأقوامِ قد رحلوا
في تربة الأرض ذابوا بعدما اندثروا
بلى ولكن هو الإنسانُ ديدنُهُ
فرطُ التّجاهلِ إن أقصاهُ ينفَجِرُ