أيام قليلة ويتوجه الناخب الاردني لاختيار من يرى الانسب لادارة المجالس المحلية في العشرات من المدن والبلدات الاردنية التي تعرضت الى سلسلة من عمليات المد والجزر خلال العقود الثلاثة الماضية.
البلديات المجمعة التي تحمل توصيف الكبرى والتقليدية تستعد لاختيار مجالسها بعدما حلت المجالس السابقة قبل اشهر وسلمت الادارة المؤقتة لاشخاص ممن جرى انتدابهم من وزارات ودوائر الحكومة في المناطق التي تقع فيها المجالس.
اكثر من ثلاثة الاف مرشح يتنافسون للوصول الى رئاسة وعضوية المجالس التي يرزخ معظمها تحت اعباء المديونية وتشكو من الترهل ويتطلع سكانها الى مستويات لائقة من الخدمات التي تراجعت كثيرا بعد توقف المنح الخليجية وضغطت مخصصاتها وازدادت المطالب الاهلية وشكواهم من الواقع البائس للعديد منها.
الشوارع البلدية والشواخص والساحات والانارة وخدمات جمع القمامة وسرعة انجاز التراخيص لم تعد كما كانت عليه قبل عقد من الزمان باارغم من وجود عوائد للتنظيم ونظم جباية متقدمة َورسوم تصل الى اكثر من عشرين نوع بعضها يتكرر تحت مسميات لا تختلف عن بعضها الا في القيم المتصاعدة.
في السلط والطفيلة واربد والكرك وفي سائر دوائر امانة العاصمة ومدن المملكة يحمل غالبية المرشحين درجات علمية متباينة وللكثير منهم حضورا معقولا في ميدان الخدمة العامة والتواصل مع الناس. المشكلة التي اصبحت ملمحا اساسيا في كل انتخابات جرت وتجرى في الاردن تتمثل في ارتكاز المرشحين على العصبية القبلية واحياء روحها لتحريك واستثارة وتحشيد الناخبين.
باستثناء حالات محدودة جدا لا يوجد برامج توضح رؤى المرشحين للواقع وخططهم للتعاطي معه فالجميع يعمل بعقلية "اهلنا و.. قرايبنا.... وجماعتنا" في القرى والارياف وحتى العاصمة هناك مهرجانات يتحدث فيها الانصار عن الحسب والنسب والتاريخ والقوة اكثر من حديثهم عن ما يمكن ان يقوم به المرشح.
حلقات الدبكة والجوفية والخطابات التي يتخللها التكبير توحي بان الناخب متوجه الى معركة وقتال اكثر مما تهيئه لممارسة واجب وطني يختار فيه الاشخاص الانسب للخدمة العامة في ظرف يتأسى فيه الجميع على ما آلت اليه الادارة العامة وما ادى الى تدهور ادائها وعجزها عن تحدبد المشكلات ومعالجتها.
في بلد يتحفز لاجراء اصلاحات سياسية وادارية واسعة يبدو غريبا ان تختار مدننا مجالسها على اسس غير مدنية. المدن كانت وستبقى مجتمعات يتكافل سكانها على ادامة رفاههم وسعادتهم من خلال قيامهم بالادوار المتخصصة بكفاءة واقتدار.