برعت دوما في الحديث عن المحبة، وأتقنت اختيار الكلمات الرقيقة التي تحرك إحساس وقلب القارئ ليسرح في عالم هادئ مليء بالجمال والعذوبة.
لكن مؤخرا بدأت أشعر بغربة روح تجتاح إحساسي،نتيجة كم كبير من العبارات القاسية والإشاعات الفظة التي بدأت تنتشر في مجتمعنا دون أن ترحم أحدا.
القسوة عنوان كبير، الأذى بات مقصود، إيلام البشر لم يعد يشعر البعض بالسوء.
الكسب المادي يبرر الإيذاء دون رحمة، أو أدنى إحساس بالذنب ممن امتهنوا الأذى ونشر الخطاب المغرض القاسي.
ومن السلوكيات التي عمقت انتشار خطاب الكراهية نشر معلومات كاذبة أو غير دقيقيه من خلال استخدام تقنيات الاتصال الإلكترونية لتحقيق مكاسب من أي نوع.
وزاد القلق وعمق هذا السلوك السلبي من يسمون أنفسهم معارضين، أو حركات إصلاح فردية أحادية الفكر موجهة الإرادة، فهم من يساهمون في نشر خطاب الكراهية من خلال لغة فجة وروايات مروعة للأسف.
لم يعد بعض البشر يدركون حدود الكلام أو قسوة الأفعال وأثرها على نفسية الغير وشعورهم وحياتهم.
ماذا يجري! وما الذي تغيير! لقد بات خدش الإحساس الطيب، وتشويه كل ما هو فطري جميل، يحدث دون أي شعور بعدم الراحة.
كم نحن بحاجة إلى إنتاج واقع مختلف بإيجاد مبادرة جديدة تثير الاهتمام، عنوانها نبذ خطاب الكراهية، ونشر الكثير من المحبة والصدق والإيجابية.
لقد أصبح خطاب الكراهية جزءًا من الخطاب المجتمعي العام الشائع، وقد ساهمت تكنولوجيا المعلومات في نشره وتضخيم خطاب يُنزع الأفراد والجماعات من إنسانيتهم ويجعلهم أكثر عرضة للحقد والكراهية للآخر في رغبة محمومة لدى البعض في تشويه كل ما هو جميل.
تزامن ذلك مع نزوع البعض نحو سلوكيات سلبية تتجه نحو تعطيل كل من يمتلك طموح أو فكر إيجابي؛ من خلال خطاب قاسي وإشاعات مغرضة وكلمات تلبس ثوب الكراهية باتت سهلة الانتشار بشكل يقوض النسيج الاجتماعي ويعيق العيش الهادئ وينزع الرضا والسلام الداخلي في قلوب البشر.
من وجهة نظري إن أكثر الطرق فعالية لمنع خطاب الكراهية القاسي هو تعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، والترويج لنموذج مجتمع يحتضن الاختلاف والتنوع ويحترم كرامة الإنسان ويدفع نحو الشفافية والعدالة والمساواة الاجتماعية.
على السياسيون أن يجتهدوا في القيام بلعب دورًا حَيَوِيًّا في مكافحة خطاب الكراهية ونبذ العنف والإشاعات، فهم من يتحملون مسؤولية أخلاقية للقيام بذلك، وهم من يمتلكون قرار سياسي بفرض الإجراءات السلمية التي تشجع على خطاب معتدل تحكمه الحرية والديموقراطية المعتدلة، والفكر الواعي القادر على التعبير عن الرأي دون خدش الأذان، وتزيف الحقائق، والنبش في قبور الفتنة والكراهية.
على جمعيات المجتمع المدني والحركات والأحزاب السياسية، والتشريعات المدنية والإدارية، أن تلعب دورا فاعلا في مجال مكافحة خطاب الكراهية على الإنترنت.
نحن بحاجة إلى مدونة سلوك طوعية وأدوات مناسبة لمكافحة خطاب الكراهية بشكل فعال.
لابد من إعادة صياغة ديباجة ونص إعلامي معقول وناضج حول أهمية الحريات العامة الأساسية، ولا سيما حرية التصويت وحرية التعبير بوعي ملتزم بالأخلاق، من خلال توثيق العلاقات التي تعزز الثقة بين المواطنين والحكومة مما يتيح ممارسة الحريات بطريقة أكثر وعيا ورقيا من خلال ربط الحريات بالحقيقة بشكل وثيق، وهي مسؤولية الإعلام الكبرى وأول عناصر دوره الحقيقي في التنمية المجتمعية.
إن وسائل الإعلام على وجه التحديد، يقع على عاتقها، ضمان نشر تقارير غير منحازة ودقيقة، من خلال تجنب القوالب النمطية السلبية ولغة الاتهام والعنف والتجني.
لا نريد لمشاعرنا أن تصبح كبئر جف فيه الماء من قسوة وهول ما نسمع.
أطالب بمزج حياتنا بالكثير من الإيجابية والمحبة وطيب الخطاب، في الهام مجتمعي يحفز على استمرار الإبداع والفكر البناء.
a.altaher@youthjo.com