استطلاع من .. واستنزال من .. ؟
د. عائشة الخواجا الرازم
17-03-2022 12:07 AM
ظاهرة الاستطلاعات والتحليلات أصبحت بدعة ومهنة تشبه مهنة الأخ الذي يرمي إبره وراء إبره لتسقط كل إبرة في خرم الأخرى ! وفي النتيجة ما هي الجدوى ؟
من الصواب أن أتناول أولاً خطورة عمليات الإستطلاع في مجتمع ، كمجتمعنا يحب توظيف المعلومات لخدمة مواقفه المسبقة ، ويركز على ما يهمه من شماته بالمعني بالأمر ، ومن الصواب أن أحلل نتائج ورؤى الإستطلاع قبل أن أدخل بمسببات وجدوى وفوائد الإستطلاع هذا ؟ وإن كان سيتعظ منه أو يخجل أي مسؤول بالنتائج !
ولكن من الأصوب الدخول في ماهية الفكرة العظيمة لاستطلاع يحمل عدداً من الأيام لفلان وعلان ، فهل وصل العز والإستقرار وراحة البال بالشعب الأردني ليخترع له مركز الدراسات موضوعاً كهذا ؟ وهل حجم تكلفة الإستطلاع وحجم الكوادر البشرية والأجهزة فارغة من الواجبات الأساسية حتى تقضي هذا المال والجهد بمعرفة التراجع أو التصاعد لشعبية رجل؟ وهل المقصود هو كشف مدى وعي الناس ومراقبتهم لإيصاله عبر القنوات الدقيقة ليخجل أو يفرح المعني بالفتح العظيم ؟
وهل كون الإستطلاع يرى بمنظارين يقصد به استدراك الحرج للمسؤول في المنظار الثاني ألا وهو قراءة الإيجاب المفرحة حسب رؤية المحلل ؟؟
أتذكر حينما أجرت إحدى الصحف استطلاعاً مباحاً حول معرفة الناس بالحكومة وانتاجها، أن طالب سنة ثالثة ماجستير زراعة سئل وأجاب بما يلي :
ما هو اسم وزير الزراعة ... قال : لا أعرف . ما هو إسم وزير التخطيط ؟ قال : لا أعرف . ما هو إسم صاحب أغنية رهيب والله رهيب ؟ فقال : عبد المجيد عبد الله . من هو صاحب أغنية يا ناكر المعروف ؟ قال : عاصي الحلاني . من هو وزير المياه؟ فقال : أعرف إسمه ولكن المي مقطوعة!
وهذا يعني أن الحكومة وحسب احساس الشعب بها تدخل ذاكرة الناس ، وفي أغلب الأحيان ينش بها الناس على ذاكرتهم الغاضبة ويهشون بذاكرتهم الغاضبة عليها ، ويغنون ليلهم الطويل ، بلا استطلاع وبلا كشف أسرار حانقة ! فكل الاستطلاعات في العالم لن تنجح بإبراز الظلمة إلى النور الإنساني !
(الدستور)