قرأت كتاب" لعبة الأمم" لمايلز كوبلاند في السبعينات، ولا اريد ان أتحدث عنه، ولكنني وفي ضوء ما يجري في أوكرانيا استعير العنوان لأؤكد أن ما يجري في هذا العالم من البشر إنما هو "لعبة أمم". انها لعبة حقيرة بلا خلق ولا دين ولا حتى مبادئ إنسانية عامة.
والسبب انتشار الفكر المادي النفعي البراجماتي. حين يتم تحويل الإنسان الى مجرد رقم ورصيد، حين يصيب الجشع والطمع الكبير قبل الصغير، حين يجتمع شياطين البشر في سراديبهم المظلمة بالشر والمكر والحقد على الإنسان فيقررون إشعال حروب وتركيع شعوب وإذلال أمم فتخرج خططهم لأحجار الشطرنج من نواطير الحكم للتنفيذ.
من تلك السراديب أشعلوا الحرب العالمية الأولى والثانية، ومنها رتبوا الثورات، ومنها قرروا صنع الكيان الصهيوني ليبقى الجرح غائرا في أمة العرب و الإسلام.
من تلك السراديب قرروا استخدام المرأة والفن في الشر. صنعوا وكالات الأنباء الكبرى فسيطروا على العالم حيث كانت المزود والنبع لإعلام الدول "النايمة". من سراديبهم قضوا على الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق، من سراديبهم صنعوا كامب ديفيد. من سراديبهم اوصلوا خميني للسلطة ليحدث شرخا "تاريخيا" في الأمة. سراديبهم تقرر استبدال حاكم بآخر، سراديبهم هي التي ركبت الربيع العربي فصار لعنة علينا وما زالت الدماء تسيل في اليمن وسوريا وليبيا والعراق. صنعوا الطائفية وغذوها لتحقيق "فرق تسد" تغاضوا عن السفاحين لاستخدامهم ومن ثم التخلي عنهم كما حصل مع الكثيرين وسيحصل. لعبوا لعبة كورونا والان أوكرانيا وهي الطبعة الجديدة، وتتحدث الدول عن سرعة صناعة السلاح لوجود طلب متزايد عليه. الخليج يشتري لأن الجارة العزيزة إيران تهدد وتفعل وقالوها علنا (نحتل اربع عواصم).
اليوم يستخدمون الشيشان المسلمين للحرب في أوكرانيا ويعدون أربعين ألف مقاتل للانطلاق من أرض سوريا بينما الجولان يراها القاصي والداني.
لا يمكن أن نكون مع اعتداء ولا مع قتل أطفال ولا مع الدمار ولا مع مخيمات اللجوء.
علينا أن نكون واعين نرفض أن نكون أدوات لمستعمر ولا لمقامر ولا لمغامر ولا لمصانع تدعي بلادها نصرة الحرية وهي تقتل الطفل والمرأة والشيخ والمقعد. هذا العالم يحتاج إلى ثورة لصالح الإنسانية وعلينا نحن العرب والمسلمين إظهار أخلاقنا وديننا كما قال تعالى
(من قتل نفسا "بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا"). ديننا دين الرحمة وليس دين الشماتة، ديننا دين المحبة والسلام وزرع الأشتال والبناء والعمران وليس الدمار والخراب.