على الأحزاب ان تخرج للشمس
علي السنيد
14-03-2022 08:29 PM
يضمن قانون الانتخاب الجديد في الأردن في حال اقراره في مجلس النواب ثلث المقاعد البرلمانية في الانتخابات القادمة للأحزاب، وفي الانتخابات التي تليها النصف، وفي الثالثة تصبح النسبة 65% للمقاعد الحزبية ما عدا الكوتات، وبذلك يتحول الصوت الانتخابي تدريجيا الى صوت حزبي.
وهذا يتطلب من الأحزاب من جهة ان تسفر عن برامجها الانتخابية لإقناع جمهور الناخبين بها ، وان تصوب أوضاعها وفق القانون كي يتسنى لها المشاركة، والمنافسة على المقاعد الحزبية من خلال القوائم التي تشكلها الأحزاب.
ومن جهة أخرى فيكون الناخب الأردني امام خيار ان يحدد وجهته السياسية، والى أي حزب ينتمي فكريا ، وسيدلي بصوته.
والأحزاب مدعوة الى طي صفحات الماضي، واغلاق مؤثرات المرحلة السابقة التي مثلت معاناة بالنسبة لها، وعليها ان تخرج للشمس، وان تدرك التغير الذي طرأ على خلفية قانوني الانتخاب، والأحزاب، وان تأخذ دورها الكامل في الارتقاء بوعي الأردنيين، وكي تستقطب القيادات الشبابية، وأصحاب المبادرات، والفكر المستنير الى صفوفها، ولتقود مطالب الشعب الأردني، وتطلعاته الوطنية.
وعليها ان تحسن الاختيار في قوائمها، وتقديم شخصيات وطنية معروفة بنزاهتها، وكفاءتها وقدرتها على ممارسة دورها الدستوري بعيدا عن الشبهات، وبذلك تبني الثقة بينها وبين الناخبين، وتدار العملية السياسية في المؤسسات الدستورية من خلال ممثلين حقيقين يحظون بثقة الأردنيين، ولا تستطيع أية جهة ان تطعن بتمثيلهم ، وبالتالي تحدد مطالب الأردنيين في كل مرحلة، ومن يعبر عنها من خلال المؤسسات الدستورية.
وهذا يقتضي ان تنخرط الأحزاب في الحركة المجتمعية اليومية، وان تقترب من حياة الناس، ولكي تصبح جزءا من المكون الثقافي لهم، وتتدخل من خلال برامجها التي تغطي الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتتلاقى مع طموحات الأردنيين وتطلعاتهم ، واحلامهم الوطنية وتعكس مطالبهم العادلة ، وكلما اقتربت هذه المؤسسات الوطنية من الناخبين من خلال اطروحاتها، وافكارها، ومبادراتها كلما أصبحت اقرب الى تمثيلهم، وحظيت بثقتهم، وبالتالي بأصواتهم.
والأحزاب قادرة على تأهيل اجيال متلاحقة من السياسيين، ونقلهم الى واجهة العمل العام كي تستمر المسيرة.
ومن خلال استخدام البعد الوطني في الانتخاب على أساس حزبي يعاد دمج المجتمع مجددا، وتتكرس الهوية الوطنية كالية وحيدة للحصول على الحقوق في الدولة، ويتجاوز المجتمع مأزقه في الشرذمة والجهويات والمناطقية التي تمس بقيم ومبادئ الدولة الحديثة.
نريد ان تكون كل انتخابات تجرى على ارض المملكة تحمل فرصة ثمينة في تجديد النخب، وان تمثل التعبير الاسمى عن الإرادة الشعبية، وبث دماء جديدة في شرايين الحياة السياسية، وترسيخ الثقة في مؤسسات الدولة، لا ان تكون الانتخابات نذير شؤم اجتماعي، وكأنها دورة في حلقات تمزيق المجتمع، واضعافه من الداخل، وبث الوهن في المعنويات العامة ، وتكون النتيجة بعدم اتاحة المجال لفرز الأفضل في الاطار الاجتماعي، وبالتالي يضيع التمثيل، وتستمر دوامة الاستعصاء بين الدولة، وشعبها.
ترسيخ قيم المواطنة، ومبادئ الحكم المدني، والمشاركة السياسية، والحفاظ على سيادة القانون، واستعادة الثقة بالمؤسسات، وإظهار جهات التمثيل الحقيقية، واطلاق عملية سياسية في ثنايا المجتمع لتفعيله، وتجديد النخب، والوصول الى الشكل الأكثر قبولا للحكومات يكون كل ذلك مرهوناً بانتخابات معبرة عن إرادة المجتمع من خلال تنوع احزابه، ومحمية من أي تدخل، ولنفاخر بنزاهتها ، والحريات المصونة فهل نقبل بالتحدي، ونذهب الى بدايات جديدة لصالح الوطن.