إن التطوير الإداري عملية مستمرة، وتستهدف رفع كفاءات العاملين في المؤسسة على جميع المستويات الوظيفية، وإكسابهم المهارات اللازمة، واستثمار نقاط القوة لديهم، وتعزيز جوانب الضعف، عبر برامج تدريبية هادفة، بغية استنفار طاقات العاملين، واستثارة هممهم وعزائمهم بجميع الوسائل المشروعة والمتاحة التي تحكم عمل المؤسسة، وتعطي لإدارتها الحق في إثابة المتميزين، ومعالجة المتعثرين وفق ما هو متاح من حوافز وزواجر إدارية؛ لرفع درجة المنافسة، ومن ثم مستوى الإنجاز.
يحتاج الإصلاح الإداري إلى رغبة وشغف يتحول إلى إرادة، ومن ثم قدرة وعزم على تحقيق تلك الإرادة، ومع هذا كله وإلى جانبه يحتاج إلى معرفة حقيقية وممارسة عملية طويلة للعمل الإداري ،وإلى خيال خصب يرسم النموذج الإداري الذي يتواءم مع إمكانات المؤسسة وطبيعة عملها وأهدافها.
ولعل من متطلبات نجاح العملية الإدارية القدرة على فرز وتصنيف مدخلات الجهاز الإداري من الموارد البشرية؛ بحيث يتم تصميم خطة العمل لتستثمر أفضل طاقة ممكنة لكل من العاملين فيها، وكذلك دراسة بيئة العمل والظروف المحيطة بالعاملين، ومعرفة الحد الذي يمكن أن يكون مقبولا لانخراط جميع العاملين بأقصى طاقاتهم، وكذلك ترتيب الأدوار المنوطة بكل مرحلة من مراحل الإنجاز، وبكل مستوى من مستويات الإدارة ( التشغيلية،والمتوسطة، والعليا) وتمكين المستويين الأول والثاني ، وعدم مصادرة أدوارهما من قبل الإدارة العليا، والحيلولة دون ربط الخيوط جميعها في كف مركزية طويلة قادرة بما تملك من صلاحيات أن تتدخل بشكل غير موفق أحيانا في بعض مفاصل الدورة الإدارية؛ لإيقاف تنفيذ ما تقرره الإدارة المتوسطة من ضوابط وقرارات على مرؤوسيها ؛ فيشعر هؤلاء أن الإدارة التي تشرف عليهم هشة وضعيفة، مما يؤدي إلى التصاق الجميع بالإدارة العليا باعتبارها صاحبة الحول والطول؛ ولأن الإدارة العليا لا تملك الوقت الكافي للمتابعة الميدانية الحثيثة ، ورصد المشهد بشكل عياني دقيق، تحدث بعض الانفلاتات المؤطرة بموجب التعليمات النافذة، ويتحول ولاء العاملين في المؤسسة لصالح الإدارة العليا ، وفي الوقت عينه يتم احتواء الإدارة المتوسطة احتواء سلبياً، ومن ثم تحجيمها وكف يدها عن ممارسة دورها الحقيقي في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية.
ولضمان تلافي ما سبق لا بد من أن يتم الفصل بين صلاحيات كل مستوى من المستويات الإدارية ، وتفعيل المجاميع البشرية، وفتح قنوات جيدة للتواصل بين الجميع، وصياغة الخطط والبرامج التي تلبي الأهداف ومعايير تحقيقها ومؤشرات أدائها الجيدة القابلة للقياس، والتركيز على التقييم المرحلي قبل الوصول إلى نهايات برامج العمل، بحيث يمكن تعديل المؤشرات في حال لم تفض إلى تحقيق الأهداف ؛ ليتم تعديلها في أثناء تنفيذ الخطة.