يبدو أن الكلام لا يفيد.وأن الحكمة فقدت حكمائها .وها نحن نعود القهقرى لزمن الجاهلية وما قبله من همجية سادت الأرض وكان العرب فرسانها. قبائل لا ترتوي إلا بالدم ،وعصبية تأكل الأخضر واليابس .والأن بعد أن قطعنا شوطاً في التقدم والتحضر وانتسار التعليم، لا زال الوحش الكامن فينا يطل برأسه بين الحين والأخر. فقتل النفس الإنسانية التي حرم الله إلا بالحق،أصبح فعلاً مستساغاً. فجرائم القتل في إزدياد،والأكثر خطورة أن من يشتركوا فيها يسبغ عليهم ألقاب التسامح والعفة بعد أن قضوا نحبهم . والأكثر إيلاماً ما يتبع تلك الجرائم من ممارسات تتمثل فيما يسمى بالجلوة والتي ثبت أنها لا تمنع الثأر، بل تدمر عائلات وتعصف بمستقبل أبناء لا حول لهم ولا قوة.وقد تدفهم ظروفهم نحو الإجرام.وهكذا نكون نحن كمجتمع من دفعهم نحو الهاوية .
وهناك أمر لا يقل خطورة ألا وهو الطخ الهمجي في بعض المناسبات كالأعراس والحصول على معدل (50% ) في الثانوية العامة وهي الأن في عصر التكنولوجيا من شهادات محو الأمية والتي يبدو أنها لم تمحها بعد ،بدليل ترافق تلك السلوكات مع الحصول عليها.
قد نكون من الشعوب الفريدة في هذا العالم التي تصًر على تحويل الفرح إلى ترح . وقد نكون من الشعوب الفريدة في هذا العالم التي تصر على تمجيد أغاني شرب الدم والطخ والعين الحمرا . ألا يكفينا من ماتوا غيلة في مثل هكذا مناسبات ؟ ألا نخجل من أن دولاً شقيقة ومجاورة لنا ترثي لحال الأردني الذي ساهم في تعليمهم فك الحرف ولا زال غير قادر على تعليم نفسه؟ . ماذا أصابنا ؟
نفاخر العالم بالقيادة الهاشميةالأردنية التي تحاول دون كلل أو ملل أن تجد لنا مكاناً على الخارطة الدولية،ونجد بيننا وهم كثر من يعبثون بالسفينة ويستلوا أزاميلهم لثقبها ليل نهار؟ .
إن من يقرأ أخبارنا التي نصنعها بأيدينايبكي لحالنا. فالكل مختلف مع الكل، والكل يطعن في الكل ،والكل يقتل الكل .إن استمرا هذا النمط المتخلف من السلوك لا يمكن أن يصنع شعباً وحضارة.ولا أدري إن كنا لا نريد أن نترك لأبنائنا ما يمكن البناء عليه .
هذه صرخة لنبذ العنف والتخوين وكل ما يمكن أن يسهم في صب الزيت على ناره. وهذه صرخة لكل متعلم لنبذ المشاركة في أي حفل يحمل فيه مجانين السلاح ويستعرضون عضلاتهم المهترئة في الدوس على الزناد. وليكن دم الشاب الذي أغتيلت فرحته وفرحة أهله ( المرحوم حسام النبهان)،أخرالأحزان .وليكن الندم الذي سيرافق صديقة أخر الآلام .
صدقوني أننا شعب طيب، ولكننا نقلل من قيمتنا في أعينناوأعين الأخرين. فلنتق الله فيما نفعل ولنعد لرشدنا قبل فوات الأوان ، وقبل أن نفقد نعمة الأمن والأمان .
والله على ما أقول شهيد .