facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العقوبات الاقتصادية على روسيا .. هل ستحقق أهدافها؟


د.أحمد بطاح
13-03-2022 12:32 AM

لقد كانت الحروب وبكل أسف مظهراً من مظاهر الحياة الإنسانية منذُ الأزل وحتى الآن إذْ لم تخلُ أيّ حقبه وفي تاريخ كل الأمم من حروب هُنا وهناك، ولكن الدول لم تعرف تاريخياً نمطاً حديثاً من الحروب وهو الحرب الاقتصادية أو بعبارة أدق استخدام العقوبات الاقتصادية كسلاح في الحروب، والواقع أن هذا السلاح لم يجرِ استعماله بفعالية كبيرة وبكثرة إلا في هذا القرن والقرن الذي سبقه، والواقع أيضاً أن هذا النوع من الأسلحة لا تستعمله إلا الدول الغربية ولسبب بسيط وواضح وهو أن هذه الدول هي الأغنى في العالم، فالولايات المتحدة وهي زعيمة العالم الغربي هي الأغنى اقتصادياً على مستوى العالم إذْ يشكل اقتصادها رُبع اقتصاده، ومجموعة الدول السبع الأغنى عالمياً (أمريكا، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا، اليابان) وهي دول غربية باستثناء اليابان تملك 60% من الثروات العالمية، ولهذا السبب البسيط فإنه ما إن تنشأ أزمة بين هذه الدول الغربية ودول أخرى ذات توجه سياسي مختلف حتى ترفع سيف العقوبات في وجهها، وهذا ما حدث مع كل من كوريا الشمالية، ومع السودان، ومع إيران ويحدث الآن مع روسيا.

لقد فرض الغرب في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا وإلى الحد الذي أسماه الزعيم الروسي "بوتين" "إعلان حرب"، فقد قام الغرب بتجميد أصول البنك المركزي الروسي في دوله، وأخرج بعض البنوك الرئيسية الروسية من نظام "سويفت" (نظام التبادلات النقدية العالمية)، ومنع الطيران الروسي من التحليق في الولايات المتحدة وأوروبا، وأوقف خط الغاز الروسي "نورد ستريم 2" عبر البلطيق إلى ألمانيا فضلاً عن تعليق عمل شركات كبرى غربية كثيرة في روسيا مثل "ماستر كارد"، "وفيزا"، "وسيسكو"، وعشرات غيرها.

والسؤال المطروح الآن هو: هل ستنفع كل هذه العقوبات "القصوى" في منع روسيا من تحقيق أهدافها في أوكرانيا وهي على الأقل تحييد أوكرانيا ومنعها من الالتحاق بحلف الناتو ناهيك عن الأهداف الأقل أهمية وهي الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، والاعتراف بالجمهوريتين الانفصاليتين في إقليم الدونباس شرق أوكرانيا؟.

إنّ مقاربة حيادية لهذا الموضوع تفيد بأنّ هذه العقوبات لن تحول دون تحقيق روسيا لأهدافها أو على الأقل هدفها الأكبر وهو تحييد أوكرانيا وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: إعداد روسيا المُسبق لمواجهة هذه العقوبات فمنذ عام 2014 حينما ضمت شبه جزيرة القرم وواجهت بعض العقوبات المهمة بدأت روسيا في الإعداد لهذا اليوم حيث راكمت ما بين (600 – 700) مليار دولار في البنك المركزي الروسي، ودعمته بكمية كبيرة من الذهب من دول مختلفة.

ثانياً: تمتين علاقاتها الاقتصادية مع الصين التي تحتل موقع الاقتصاد الثاني في العالم وبالذات في مجال النفط والغاز حيث عقدت اتفاقات معها تنُص على توريد كميات هائلة من النفط والغاز إليها وعلى مدى سنوات عديدة.

ثالثاً: توثيق علاقاتها مع دول البريكس (الصين، الهند، البرازيل، روسيا، جنوب أفريقيا)، ولعلّ عدم تصويت الصين والهند (نصف العالم سكانياً تقريباً) ضد روسيا في الجمعية العامة له دلالة كبيرة، ومن الأهمية بمكان أنّ هذه الدول مهمة اقتصادياً فالهند دولة واعدة وسوق ضخمة يُحسب حسابها، وذلك فضلاً عن باكستان (يزيد سكانها عن مائة مليون نسمة) التي رفضت السير وراء عقوبات الاتحاد الأوروبي وقد خاطب رئيسها "عمران خان" سفراء الاتحاد الأوروبي عندما أجتمع بهم بقوله "هل نحن عبيدٌ لكم؟".

رابعاً: الإفادة من حاجة أوروبا المستمرة إلى النفط والغاز الروسيين (تزود روسيا دول الاتحاد الأوروبي بـ 40% من حاجتها إلى الغاز، و25% من حاجتها إلى النفط) حيث استثنت هذه الدول النفط والغاز من العقوبات وكذلك استثناء البنوك التي تؤمن التعاملات المتعلقة به من نظام "سويفت"، الأمر الذي يعني أن أثمان هذه النفط والغاز الروسي سوف تستمر في التدفق على الاقتصاد الروسي والذي يعتمد على هذين الموردين أساساً فضلاً عن موارد أخرى مهمة كالحبوب وغيرها.

خامساً: الإفادة من التجربة الإيرانية وغيرها في مواجهة العقوبات فإيران مثلاً وبرغم إيقاع عقوبات صارمة ضدها من قبل الدول الغربية لم ترضخ ولم تغيّر من خياراتها السياسية وهي تفاوض الدول الغربية (5 + 1) الآن في "فيينا" من موقع النِد في ما يتعلق بموضوع برنامجها النووي.

هل معنى ذلك أن روسيا لن تعاني من العقوبات الاقتصادية الغربية؟ بالطبع ستعاني وقد فقدت العملة الروسية "الروبل" كثيراً من قيمتها، كما أنّ المواطن الروسي سوف لن يجد كثيراً من البضائع والخدمات في الأسواق كما تعوّد ولكن روسيا في النهاية ومن أجل تحقيق أمنها الاستراتيجي سوف تصمد في وجه هذه العقوبات وبخاصة أنها تحظى بزعامة قوية تدرك ماذا تفعل وبتأييد رأي عام روسي لا يريد أن يتهاون بشأن أمنه الوطني الذي يقدمه على أيّ اعتبار آخر متذكراً أنه دفع (27) مليون إنسان للدفاع عن بلاده وهزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :