أخطاء اجتماعية وتربوية في رمضان
د.حسين الخزاعي
11-08-2010 06:45 AM
شهر رمضان المبارك ، شهر كريم ، شهر القرآن والبر والإحسان، باختلاف الزمان والمكان وتغير الأحوال، فسيبقى له سحره وعبقه وبركته ، شهر ينتظره الجميع بشوق ولهفة، لينهلوا من بركاته الكثيرة وإفاضاته الجليلة، وينعموا بأجوائه الإيمانية والإنسانية العطرة، فهو شهراً للصيام والقيام والنقاء والطهر والعفاف والصبر والتحمل، ولأعمال الصالحة والعطاء والبذل والسخاء والإيثار، ولكن للاسف ولم يعد شهراً للتقارب والترابط والتراحم والتزاور كما كان، إذ لم تبق من كل تلك القيم السامية النبيلة الجميلة ما يبعث الأمل بأن رمضان هو رمضان الأصيل الذي ألفناه ونتشوق لمقدمه!. رمضان مدرسة ربانية رحمانية تفتح أبوابها كل سنة شهرا كاملا يتدرب فيه الإنسان على طاعة الله عز وجل والإمساك عن معاصيه، فهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن والصدقة والعمرة وسائر الطاعات . يعلم الناس الصبر على العطش والجوع وتحمل المصاعب في سبيل الله. يشعر المسلم بشعور الفقراء والمحتاجين عندما يحرم من الطعام والشراب وينمي عند الإنسان الانضباط ومحاسبة الذات فيلتزم الصائم الأخلاق الحميدة. يشعر الجميع بالأخوة والتساوى والتعاون والتكافل بين الأغنياء والفقراء. ولكن للاسف الشديد يلاحظ ان هناك جملة من الأخطاء التي يرتكبها بعض الصائمين والصائمات ، اذكر لكم بعض هذه الأخطاء السلوكية الاجتماعية والتربوية راجيا من الله ان يجنبكم التعرض للوقوع بها ، وهي سلوكيات لا تليق بفضائل بالشهر المبارك.
أولا : استقبال بعض افراد المجتمع لهذا الشهر المبارك بالمبالغة في شراء الأطعمة والمشروبات وتخزينها ، واللجوء للقروض او الاستدانعه من اجل شرائها وهذا السلوك يكون بدلا من السلوك الحقيقي لاستقبال الشهر بالاستعداد للطاعة والاقتصاد ومشاركة الفقراء والمحتاجين. فهذا الشهر من المفترض ان يكون شهرا للعباده وعمل الخير وطلب المغفرة والطاعة وتلاوة القرآن، والإكثار من الدعاء ومحاسبة النفس والتزود بصالح الأعمال والتكامل الاجتماعي والصبر والعمل بجد وتفان واتقان وعدم الإسراف غير المبرر فى شراء الاطعمه والمشروبات او الإكثار من العزائم وكان شهر رمضان أصبح شهرا للتخمة والمبالغة فى تلبية احتياجات المعده والمتع الغذائيه وهذا يتناقض تماما مع مبادئ وفلسفة الصوم التى تركز على تلمس بمعاناة الفقراء والتكافل معهم.
ثانيا : حرص الأسر على القيام في العزائم في بداية شهر رمضان وكان الشهر سينتهي في أول يوم من رمضان . والحرص على عمل وليمه لكل اخت متزوجه هي وزوجها لوحدهم ، لماذا لا تكون عزائم مشتركة لجميع النسائب وتوفير الوقت والجهد والمال ؟ ولماذا الحرص على صلة الرحم في شهر رمضان فقط ؟.
ثالثا : أصبح شهر رمضان شهر تضييع الأوقات بكثرة الأكل والتلذذ بالمأكولات والمشروبات فكثيرون للأسف يربطون الصوم أساسا ً بـ«تناول الطعام» عند المساء ووقت السحور.. فتنهمك الامهات منذ ساعات الصباح بإعداد المأكولات والمشتريات التي يجب أن تجهز عند الإفطار.. وللأسف الإكثار من الأطباق والطبخات الرئيسية والفرعية والشوربات والسلطات .هذه سلوكيات غذائية تؤدي الى قضاء الاوقات في الطبخ واعداد الطعام وتنظيف الاواني او في الاسواق لشراء مستلزمات الأكل . وللاسف عداداً كبيرة من الصائمين والصائمات تزداد أوزانهم بشكل لافت خلال شهر رمضان وبعده، وذلك نتيجة الإكثار من الطعام العشوائي الذي يضر بالصحة.
رابعا : سرعة الغضب والصخب والنرفزة ، في النهار بحجة الصيام وعدم القدرة على الصبر من عدم التدخين او حاجته للقهوة والشاي والأكل ، وهي مبررات غير منطقية . واذا كان الصائم لا يستطيع ضبط نفسه عليه عدم خروج من المنزل وخاصة ساعات قبل الإفطار خوفا من العصبية الزائدة والنزفزة والسرعة الجنونية التي تؤدي الى ارتكاب حوادث سير .
خامسا : الصيام لا يكون عن الأكل والشرب فقط، وإنما هو صيام يشمل صيام الجوارح عن المعاصي، وصيام اللسان عن الفحش ومساوئ الأخلاق.وشهادة الزور والكذب والخداع والنميمة.
سادسا: الإقبال على الإفطار بشراهة عند سماع آذان المغرب ، يجب إتباع الصائم لآداب الإفطار ، فيبدأ بتناول بعض التمر أو الماء أو الشوربة
والسلطة ثم الراحة قليلاً ثم أداء صلاة المغرب ثم تناول الوجبة الرئيسية باعتدال ,فلا يبالغ (أي يكثر) في طعامه أو شرابه.
سابعا: عدم الاتفاق بين كافة أفراد الاسرة على تحديد نوع الطبخة الرئيسية وبالتالي غضب احد افراد الاسرة ، وعدم رغبته في اكل هذا الصنف من الطعام .
ثامنا : تضييع الوقت في النهار بالنوم الطويل بحجة الصوم ، والسهر في الليل إهدار الأوقات في متابعة المسابقات الفضائية وما يصاحبه ذلك من الموسيقى والغناء والمسلسلات المائعة. فالواجب الحرص على استغلال الأوقات في طاعة الله عز وجل وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، وحضور مجالس العلم حتى يحصد الأجر والثواب في هذا الشهر العظيم.
تاسعا : جشع وطمع بعض التجار الذين يستغلون هذا الشهر الكريم لتحقيق مكاسب غير مشروعه واستغلال حاجة المواطنين الملحه لبعض السلع عند حدودهم . يجب التعاون والقناعة بهامش مقبول من الربح .
عاشرا: يلجا بعض الصائمين من المدخنين الافطار على سيجارة مباشرة بعد الاذان ، وهذا يؤثر على الصائم ويعرضه للاصابة في النوبات القلبية والجلطات الدماغية بسبب مفعول النيكوتين الضار في الجسم . لذا يجب الاكل والراحة ثم التدخين ومحاولة الاقلاع عن التدخين .
ويمكن القول إن ظاهرة الصيام الجماعية لمدة شهر كامل وفي قارات وأقطار مختلفة من المعمورة تمثل خاصية من خصائص الحضارة الإسلامية: فمن وجهة نظر علم الاجتماع يعزز هذا الصوم الجماعي من أواصر التضامن الاجتماعي داخل كل قطر مسلم وكذلك بين المجتمعات الإسلامية المتعددة والمترامية على الكرة الأرضية. الصوم والتضامن والتراحم الاجتماعي الذي يكون أكثر صلابة في التعاضد والتراحم .
وبعد،،، هذه سلوكيات اجتماعية خاطئة ترتكب في رمضان ، ويرصد المتابعين لسلوكيات بعض افراد المجتمع سلوكيات خاطئة اخرى . نتمنى لكم صوما هنيئا وفطارا مباركا وكل عام وانتم بخير . وللحديث بقية .
Ohok1960@yahoo.com
اكاديمي – تخصص علم اجتماع – جامعة البلقاء التطبيقية .