بين سطوة المال من جانب وشهوة السلطة من جانب آخر، تأثير متبادل تظهر أبرز تجلياته في عملية الاستطراق بينهما في حقل المنصب والسياسة، فالاستحواذ على أحدهما يغري بالبحث عن الآخر.
تعد الصفقات العمومية موطنا ً خصبا ً لكل أوجه الفساد من محسوبية وواسطة ورشوة ويتعدى الأمر بأن تتكون منظومة فساد قوية عندما يحدث التحالف بين رجال الأعمال ورجال السياسة وبداعي المصلحة المشتركة يخدم كل منهما الآخر وبما يسمى بظاهرة الفساد السياسي بحيث يؤدي إلى تبعية القوة السياسية للقوة الاقتصادية لتصبح أداة بيد أصحاب الأموال والطبقات الغنية القادرة على الدفع لتحقيق المنافع الشخصية، ويعملون على استبعاد الفئات الأخرى التي تمثل شريحة كبيرة من الكفاءات ؛ والمفكرين والمثقفين وأصحاب الرأي السديد عن الساحة .
لماذا يسمح لتجار السياسية التلاعب بمقدرات الوطن ومؤسساته؟ إن أصحاب سلطة المال السياسي هم مرض السرطان بحد ذاته؛ فقد توغلوا كثيرا في مؤسسات الدولة وسلطاتها المختلفة ؛ هم من حارب عجلة التنمية، هم من هجر العقول والكفاءات ؛ هم من خصص ثروات الوطن ؛ هم من عبث بمقدرات الوطن ؛ هم من هرب الاستثمار ودفع به للخارج ؛ وهم من أزموا الساحة السياسية، كما انهم من حارب الحرية و التطور الديمقراطي، فهم يرسلون زبانيتهم لارسال رسائل سياسية حتى يتم القبض من تحت الطاولة.
ان هناك شراكة بين أصحاب سلطة المال السياسي والمسؤولين الكبار، وهم من يديرون منظومة الفساد، وهيكلة الفساد في هذا الوطن، نعرف أن الكم الأكبر من نواب الأمة وليس جميعهم بالطبع ؛ ماهم الا أتباع تردد ما يقوله صاحب المال والسلطة فقد أصبحان وجهين لعملة واحدة نتيجة تحالفهما القوي جدا....
يا ليتنا تعلمنا من الآباء والأجداد معنى الحب والوفاء بل معنى الإنتماء الحقيقي لثرى هذا الوطن، يا ليت أيام الزمن الجميل تعود بنا ، يوم كنا ننشد راياتك تخفق في القمة؛ يوم كنا نغني بكتب إسمك يا بلادي عالشمس اللي ما بتغيب ؛ مجرد أمنيات زمنية تخذلنا بواقع عقيم .
ورغم ذلك سيبقى الأردن محلقا؛ وسيبقى أصحاب الضمائر الحية من اقتصاديين ومفكرين وأدباء وساسة هم الأصل حتى وإن تحالف المال مع السلطة.
فلا مال يدوم ولا سلطة .