الحياة ستعلمك دون أن تتحدث إليك! (2)
م.شهد القاضي
11-03-2022 08:51 AM
مرح الفتاة التي أهدتها الحياة درسها الأول في القسوة، الذي كان بمثابة الصفعة على خدها الناعم، انتقلت للعيش في منزل والديها بعد طلاقها من زوجها.
كان على مرح أن تعمل من أجل أن تتمكن من الإنفاق على نفسها و على أطفالها... فقررت أن تعمل مع والدتها التي كان لديها صالون نسائي يعود عليها بأرباح لا بأس بها... فعلاً باشرت مرح بالعمل الذي أصبح جزءاً من روتين حياتها... فقد باتت تستيقظ كل صباح.. تذهب للعمل الذي تقضي فيه معظم وقتها.. تنهي العمل.. لتعود للبيت.. بالكاد ترى أطفالها و تلاعبهم.. ثم تذهب لغرفتها.. فترمي بجسدها الهزيل على الفراش من فرط التعب، لتغط في نوم عميق.. و هكذا.
مرت الأيام... و الشيء الوحيد الذي لا يكاد يغادر تفكيرها، هو التصميم على العمل بجد و النجاح؛ من أجل تأمين مستقبلها و مستقبل أبنائها.. فأشار عليها والديها بتخصيص مبلغ من مرتبها لبناء طابق لها فوق منزل والديها... و بالفعل أصبحت تقتطع مبلغاً جيداً من مرتبها الذي تتقاضاه من كل شهر.. حتى أنها باتت تزيد من ساعات عملها من أجل الحصول على المزيد من المال، إضافة إلى تقليل مصروفها الشخصي و حرمان نفسها من الكثير من الأشياء بهدف تسريع عملية البناء.
و بعد سنة.. طويلة.. مرهقة.. انتهى البناء و تم تجهيز الشقة التي لطالما حلمت بها مرح لتسكن فيها مع أطفالها.. فبدأت بتجهيز نفسها و أطفالها للانتقال للعيش في بيتها الجديد.. و أثناء تجهيز نفسها.. رنَّت في رأسها كلمات والديها و هم يباركون لأخيها.. فذهبت لتستطلع الأمر، و إذ بها تكتشف أن والديها قد قاما بتسجيل الشقة الجديدة بإسم أخيها من أجل تجهيزها للزواج.. و في هذه اللحظة تحديداً.. شعرت مرح بالغدر و كيف أنه تم خداعها من أقرب الناس لقلبها.. عائلتها... و هذا كان الدرس الثاني في الخذلان الذي قدمته الحياة لها بعد أن اقتلعت سجين ضلوعها.
تركت مرح منزل والديها.. و ذهبت للعيش في شقة مستأجرة آخذة معها كل ما تبقى لها في هذه الحياة.. أبناءها... و أسست مرح صالون نسائي لها؛ لتتمكن من تلبية احتياجاتها و أبناءها.
و بعد عدة سنوات.. التقت مرح بشاب على خلق.. و قد أعجب بها الأخير، و قرر أن يتقدم لخطبتها.. فكرت بعرضه هذا إلا أنها ستجبر على اختيار من اثنين لا ثالث لهما: إما أن تتزوجه و بالتالي زوجها السابق سيأخذ منها أطفالها.. أو أن تكمل حياتها بلا زوج... و بعد تفكير عميق.. قررت مرح أن ترفض عرض الزواج لتقوم بالاعتناء بأولادها و تربيتهم، مدركة بأن السند الوحيد لها في هذه الحياة هو الله... و ها هي اليوم تناقش رسالة الماجستير مُنهية واحدة من أهم إنجازاتها.