المقالة الجامعة / الحلقة الثانية عشر
اللواء المتقاعد مروان العمد
10-03-2022 12:38 PM
وبعد انقطاع لظروف طارئة وخاصة اعود لاختم مقالتي الجامعة بهذه الحلقة الاخيرة ، والتي كان من المفروض ان اقوم بنشرها قبل ثلاثة اسابيع . وذلك حتى تكتمل حلقاتها.
بعد الاعلان عن مخرجات اللجنة الملكية للاصلاح ، واقرار مجلس النواب بغرفتيه التعديلات الدستورية التي اقترحتها ، والتعديلات الدستورية المقدمة من الحكومة فيما يخص مجلس الامن الوطني ، زادت حدة النقد والرفض لها من قبل العديد من الاطراف.
وسوف اتحدث اليوم عن مواقف بعض هذه الاطراف منها . وستكون البداية عما قام به حزب جبهة العمل الاسلامي . حيث انه بعد مشاركته بعضوية اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، وفي الحوار الذي دار في لجانها ، واقرار مخرجاتها . ومنها قانوني الاحزاب والانتخاب واللذان كانا يصبان في صالحه ، وبعد الاعتراضات التي قوبلت بها تلك المخرجات اخذ ينقلب عليها تدريجياً . وخاصة مع اقتراب الانتخابات الداخلية للحزب ، والانتخابات البلدية ومجالس المحافظات اللامركزية . ولذا ذهب لمخاطبة الشارع وقواعده الحزبية بهدف اعادة استقطابها ، مستفيداً من الهدية التي قدمتها له الحكومة من خلال توقيع اتفاق النوايا بينها وبين الكيان الصهيوني لاستبدال الطاقة مقابل المياه . ومستفيدا من الاعتراضات التي واجهت التعديلات الدستورية الحكومية . فنزل الى الشارع اعتراضاً عليها ومطالبا بالاصلاح ومحاربة الفساد.
كما قام اعضاء كتلة الاصلاح في مجلس النواب والتي اغلب اعضائها من حزب جبهة العمل الاسلامي في الاشتباك المتكرر مع الحكومة ووزرائها ورفع سقف الخطاب معها . وعندما اخذ مجلس النواب في مناقشة التعديلات الدستورية وشهدت الجلسة الاولى ما شهدت من احداث ، فقد ارتكب الحزب والكتلة خطأ جسيماً عندما دافعوا عن عضو الحزب والكتلة سعادة النائب محمد الرياطي بالرغم من دوره في الاشتباك الذي جرى تحت القبة ، والتي بررها بأنها هبة لنصرة الاسلام ، عندما قام احدهم يشتم الذات الالاهية ، الامر الذي لم يثبت حصوله . وذهابهم الى القول انه كان بذلك يقوم بما يمليه عليه واجبه الديني باعتباره اقوى الايمان ( فليغيره بيده ) . وكنت افضل لو ان اعضاء الكتلة وقفوا موقفاً آخر ووجهوا اللوم لكل من شارك باحداث ذلك اليوم ، ثم سعوا الى الاصلاح بين الجميع ، او الدعوة لأن يقوم المجلس باتخاذ إجراءاته حول احداث ذلك اليوم بحق الجميع.
وبنفس الوقت اقول ان مجلس النواب قد جانبه الصواب بقراره ادانة سعادة النائب الرياطي لوحده ، وتجميد عضويته لمدة سنتين ، وبراءة كل من شارك في احداث ذلك اليوم . في حين ان كل من شارك باحداثه كان يستحق ان يعاقب بعقوبة تناسب فعله .
وقد كان رد جبهة العمل الاسلامي على هذا القرار الانقلاب على مخرجات لجنة الحوار ، وتعليق مشاركتهم في انتخابات المجالس البلدية ولجان المحافظات اللامركزية . بالرغم من ان ذلك سوف يفقدهم فرصة السيطرة على عدد من البلديات واللجان . الا اذا كان يقف وراء قرارهم هذا تسليمهم بأنهم لن يحققوا هذا النجاح ، وخاصة بعد احداث نقابة المهندسين . كما انهم لجأوا الى رفع يافطة المظلومية التي لطالما رفعوها قبل كل انتخابات ، والحديث عن عمليات تزوير تستهدفهم ، بحيث انهم ان لم يحالفهم الفوز بالانتخابات قالوا ان ذلك يعود للتزوير ، وان حالفهم اعلنوا انتصارهم على الدولة ، او تغنوا بالعرس الديمقراطي لانه لن يكون هناك نجاح ولا عرس ديمقراطي الا بفوزهم هم . والبديل هو استخدام سلاح المقاطعة.
اما بالنسبة لمن يطلقون على انفسهم لقب الحراك الشعبي، فقد كانت لهم ردود فعل غير منضبطة ، تجاوزت كل الحدود والسقوف في شعاراتها . والتي طالت جلالة الملك وعائلتة ، كما طالت جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، و الاسرة الهاشمية والاجهزة الامنية وجيشنا العربي الاردني . وكان من الممكن اعتبار ذلك مجرد ردة فعل من اشخاص محبطين ضاقت عليهم الدنيا واجتمعت عليهم البطالة مع الفقر . ولكن ان يقوم البعض بنشر اشرطة الفيديو لهذه الحالات على مواقع التواصل الاجتماعي دون ان يتصدى صوت للاعتراض عليها واستنكارها ، فهذا امر يثير الكثير من علامات الاستفهام.
اما بالنسبة لقوى المعارضة الاخرى فأن معظمها اختارت ان تبقى في صفوف المعارضة وان ترفض كل شيء من غير ان تحاول التشابك الإيجابي مع بعض مخرجات اللجنة ، وان تبادر بتشكيل احزابها الخاصة او توحيد احزابها المتواجدة لعلها بذلك تستطيع ان تصل الى موقع يمكنها ان تحقق من خلاله ما كانت تطالب به . ولكنها اختارت الطريق الاسهل والانجح ، وهو المعارضة ، لما يحققه لها هذا الموقف من شعبية ، ولا يحملها اية مسؤولية من الممكن ان تكشف هشاشتها وعجزها عن تطبيق ما كانت تنادي.
قبل اقرار قانوني الاحزاب والانتخاب من قبل مجلس النواب ،اخذت بعض الاحزاب الجديدة في الاعلان عن نفسها بعد ان اخذت الموافقات على تأسيسها . ولا تزال الكثير من الاحزاب تنتظر هذه الموافقة . علماً ان المطلوب كان تقليل عدد الاحزاب من خلال توحيدها ودمجها .
لنجد انه وبعد ان كان لدينا حوالي خمسين حزباً ، فأنه من المتوقع ان يصل عددها الى ما فوق السبعين . وفي نفس الوقت فقد جوبهت الاحزاب الجديدة بالنقد والهجوم والتشكيك بها وبالقائمين على تأسيسها ، وتم توجية الاتهام لبعضها بأنها صنيعة السلطة ، ولبعضها بأنها تمثل العلمانية او المدنية او اليسار اوغير ذلك وبشكل يعطي انطباعاً برفض الكثيرين للاحزاب والحكومات الحزبية ، والى عدم وجود نية حقيقية لدى الكثير من الاحزاب في السير بطريق الاصلاح. وقد يعود ذلك لان الاصلاح سوف يفقد المعارضة فرصة ممارسة معارضتها ، وسوف يفقد الموالاة فرصة تفردهم بتولي المناصب.
والآن وبعد ان انطلقت اعمال ورشة العمل الاقتصادية الوطنية والتي كان جلالة الملك قد وجه لعقدها في الديوان الملكي والتي تضم في عضويتها ثلاث مائة من الاقتصاديين واصحاب الاختصاص يمثلون القطاع الخاص وغرف الصناعة والتجارة والحكومة والبرلمان والقطاع الأكاديمي والمؤسسات العامة للمجتمع المدني والاعلام . والموزعين على عدة ورش فرعية ، كل ورشة تبحث في قطاع معين من القطاعات الاقتصادية بهدف تقييم الوضع الراهن للاقتصاد الوطني وتحديد الفرص لتنمية القطاعات الاقتصادية وزيادة انتاجيتها ، ولتحفيز النمو وإيجاد الفرص الاقتصادية وتحسين نوعية الحياة والخدمات للاردنيين والتي من المتوقع ان تستمر اعمالها تحت اشراف جلالة الملك مباشرة ، لمدة خمسة اسابيع.
الا ان التشكيك بهذه اللجنة وبما سوف يخرج عنها من توصيات وبإمكانية تنفيذها ، انطلق منذ صدور التوجيهات الملكية بعقدها . ومن المتوقع ان يزيد هذا التشكيك بها بعد استكمال اعملها وصدور توصياتها . مما يجعلني اعيد تساؤلي الذي اشرت اليه في عدة مواقع من مقالتي هذه ، هل فعلاً يوجد من يريد ويعمل للاصلاح غير جلالة الملك ومؤسسة العرش ؟
وقبل ان اختم اعيد التذكير بأن كل ما ورد بهذه المقالة بحلقاتها يمثلني ويعبر عن وجهة نظري الخاصة ، وانني احترم وجهة نظر كل من يخالفني في ذلك . علماً ان ما ورد فيها لا يمثل الا جزءاً مما كنت اود ان اقوله .