نداء عاجل …
المكان : الصحراء الأردنية .. شرق المملكة .
عمال الشحن (التحميل والتنزيل) في مركز العمري الحدودي .
لقد قررت اليوم أن أتحدث بلسانكم جميعاً ، بلسان كل ضعيف يرى أنه مجرد من أبسط الحقوق ومع هذا لا يستطيع الصراخ لأنه مقيد ، أعدكم بأن أضع هذه الكلمات على طاولة الصحافة ، ليراها المسؤولين وأصحاب القرار ويتم نشرها على الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي كافة .
كل ما أطلبه منكم أن تكونوا أقوياء ، عندما تتحرك كاميرات الصحفيين الى موقع الحدث ، وحاذروا كل الحذر أن يتم تهميشكم ، و يتكلم بإسمكم من لا يخاف الله ليخفي هذه الحقيقة.
كل شخص منكم بداخله بركان ، من الآهات والكبت والظلم و الحرمان ، وحان الوقت لأن ينفجر هذا البركان ، فأنتم أساس هذا المركز وما أن توقفتم عن العمل سيتوقف الجميع.
و كلكم تعلمون من أكون وتعلمون بأنني أمضيت في هذا المركز سنوات طويلة من عمري ، ومن منكم لا يعرف ” ابو كاظم ”.
ومن هنا تبدأ رسالتي ..
أول ما أبدأ به هذه الرسالة :
التأمين الصحي : لقد عملت لسنوات وسنوات ، وأنا محروم من هذه البطاقة ، وكم من إصابات حدثت وتحدث كل يوم ، يكون ضحيتها هذا العامل ، ولا يتم التعرف عليه مهما كانت الإصابة ، ويعالج على حسابه الخاص ، ليلقى به بعد ذلك خارج المركز ، لأنه غير قادر على العمل بسبب هذه الإصابة ، دون أدنى تفكير بما يحيط به من ضغوطات ، وديون ومصاريف ، لا يعلم بها إلا الله تعالى ، بالإضافة الى أطفال لا معين لهم بعد الله سوى هذا العامل المصاب الذي أصبح غير صالح للعمل ، فهل من العدل أن يلقى بهذه الطريقة دون علاج ولا أدنى تعويض ؟!
أما النقطة الثانية :
السكن : وأنا أجزم بأن معظم من يقرأ هذه الرسالة لن يصدق ما أقول ، ما لم يرى بأم عينه
هذا المركز ، الذي يقع على بعد خمسة و خمسين كيلو متراً إلى الشرق من منطقة الازرق ، بوابة الأردن من جهة دول الخليج العربي.
إنه مركز حدود العمري ، المجاور لمركز حدود الحديثة السعودي ، صحراء موحشة بارد شتاؤها ، ملتهبة رمالها صيفاً ، تسكنها الضباع والأفاعي والكلاب ، التي تعيش على نفايات هذا المركز.
أيعقل بأن هؤلاء العمال ينامون بخيام و صناديق خشبية ، أصحاب العطاءات والشركات ليسوا مغيبين عن مثل هذه الحقيقة ، فهم يستأجرون غرفة واحدة أو اثنتين ، ولا يحق لأي عامل أن يسكنها و إنما للمقربين ، هي استأجرت فقط ؛ كي تكون حجة و نقطة دفاع أمام المسؤولين ، وأنه يوجد سكن إذا ما قدمت شكوى بحقهم ، وأية شكوى وأنت الخصم و الحكم .!
لنقل أن العمال قريبين من المركز إذا ما حدث أي مكروه لاسمح الله ، فمن سيقيهم برد الشتاء إذا ما اشتدت العاصفة ، أليس من حقهم أن يكون لهم سكن كريم ؟
فهم أردنيون ويحملون أرقاما وطنية وبعضهم متقاعد ، خدم هذا الوطن لأكثر من عشرين عاماً ، وأيضاً يقومون بكل تفان وإخلاص في حماية الوطن وأمنه من عمليات التهريب ، أهكذا تكون مكافأتهم!
أما الآن فسأتحدث عن الاجور :
تلك الأجور التي يتقاضونها مقابل العمل ، لا توجد رواتب شهرية محددة وإنما أجور قليلة ، بسبب السمسرة والإقتطاعات ، والتي تتم من قبل مقاولين وشركات تحال عليهم هذه العطاءات ، فمقابل كل شاحنة يتم تنزيلها وتحميلها ، تأخذ الشركة حصة الأسد ، وبعد ذلك يتم توزيع ما تبقى على العمال ، وأقسم بالله العظيم أنها لا تكاد تكفيهم ، ثمن الطعام لأن الطعام على حساب العامل ، ويباع بأسعار سياحية لتغول المتنفذين أيضاً على الإستراحات ، وأماكن البيع ناهيك بأن أكثرهم من المدخنين، و الشركة لا تتكفل بمثل هذه الأمور ، وللعلم الكثير منهم يكتفي بوجبة طعام واحدة طوال اليوم ، ليوفر لأولاده ثمن هذا الطعام .
إنها عطاءات ضخمة ،وشركات جبارة ، فلماذا كل هذا الظلم ؟!! هل من مجيب ؟
هذا ولم أتحدث عن الضمان الإجتماعي ، وأن مثل هذه الشركات مخالفة ، فلا يوجد شيء اسمه ضمان إجتماعي في قاموس هذه الصحراء البعيدة كل البعد عن أنظار المسؤولين أو عدسات المصورين .