كل يوم تقريبا تصلني عدة رسائل اليكترونية ، يدعوني المرسل الى التصويت في موقع ما من اجل عروبة القدس احيانا ومن اجل المرأة المسلمة احيانا اخرى ، ومن اجل دعم قضية الحجاب في اوروبا ، أو تسمية فلسطين بفلسطين ، او مقاطعة الدنمارك او الاحتجاج على كذا او الموافقة على ماذا.
أكاد اتخيل الشاب أو الفتاة الذي يتفرغ للترويج لهكذا تصويتات ، لا بل اكاد اشم رائحته ، لأنه سوف لن يجد الوقت لممارسة متطلبات النظافة اليومية ، وربما يسهر لعدة أيام وهو يطير الرسائل في أنحاء المعمورة من أجل دعم القضية أو القضايا التي يناضل من أجلها.. وينام قرير العين مرتاحا لأنه لم يألُ جهدا في الانخراط في معركة الحياة للدفاع عن قضاياه الجوهرية.
لا مشكلة في الموضوع لو كان الأمر مجرد جزء من منظومة أعمال يقوم بها الشخص أو الفئة أو المنظمة من اجل دعم قضاياه ، لكنها على الأغلب تكون هذه الطريقة بديلا عن النضال الحقيقي ، وترسم واقعا اليكترونيا ، مثل العاب الأتاري ، نحقق فيه الانتصارات.. بينما على ارض الواقع نزداد انهزاما ، وخمولا.
لو كان النضال بالبريد الأليكتروني حقيقيا ، وينعكس على الواقع المعيوش ، فلا شك اننا سننتصر لأننا نمثل كتلة عددية عملاقة تتكون من العرب ومن المسلمين في كل مكان ومن المدافعين عن قضايانا ويشتركون معنا في النضال ضد الصهيونية مثل الدول الاشتراكية وفنزويلا والمناصرين من اوروبا وامريكا وافريقيا وكل مكان.
لكن (من وين يا حسرة).. حالنا كما هو لا بل يتراجع باستمرار.. بينما نحقق انتصارات اليكترونية ، تعوضنا عن الواقع وتشعرنا بالرضا عن الذات.. على طريقة (أشبعتهم شتما ، فأودوا بالإبل).
ghishan@gmail.com
الدستور