حققت المرأة عبر مسيرتها النضالية خلال القرن الماضي والحاضر مكتسبات وحقوقا أسهمت في تحسين أوضاعها العامة ولو بنسب مختلفة، وأثبتت حضورها السياسي في المجتمع الدولي، وبذلك تكون قد أنجزت مهمة بناء العتبة الأولى في بناء التأسيس لمجتمعات تقوم على العدالة والانصاف، ومن الجدير بالذكر أن المرأة في المنطقة العربية واكبت تلك المسيرة لكن أوضاعها العامة وبسبب الظروف التي تعانيها المنطقة لا زالت دون المستوى المأمول، ما يحتم بذل الجهد لتعزيز مسيرتها الحقوقية والاجتماعية سواء من خلال التشريعات الوطنية أو التوجهات والسياسات الحكومية، وانطلاقا مما سبق فإن دعم وتمكين النساء في المجال السياسي والمدني يعتبر توجها صريحا، من شأنه أن يراكم الإنجازات وأن يضمن استمرار تطور شؤون المرأة في مختلف القطاعات بشكل إيجابي.

سأعود الى أوضاع المرأة في الأردن، لأحاول تقييم تجربتها في المجال السياسي، وصولا الى تحديد المسار المطلوب لإنجاز المهمات القادمة التي تحافظ على المنجزات والمكتسبات، وتدعم تطور أوضاعها نحو الأفضل.

رغم ان المرأة الاردنية حققت العديد من المكتسبات والحقوق ومن ضمنها التمثيل في البرلمان، الا انها تحتاج الى المزيد من التمثيل سواء في البرلمان او مجالس السياسات المحلية، لأن هذا المسار محدد ومدروس بشكل علمي، وهو يضمن استمرار التمثيل السياسي والشراكة في رسم السياسات المحلية والوطنية، ولا شك ان التوجيهات الملكية السامية أسهمت بقدر كبير في تعزيز حضور المرأة وتمثيلها باطراد في تلك المجالس، لكننا نحتاج الى تظافر الجهود لترجمة الرسائل والتوجيهات الملكية بشكل دقيق وواضح بعيدا عن التأويلات التي تحاول الالتفاف على تلك المنجزات والمكتسبات.

كما أنني وكرئيسة لجنة المرأة النيابية، أرى بضرورة دعم مسيرة تمكين المرأة سياسيا، من خلال التركيز على التشريعات التي ترفع نسبة مشاركة النساء في البرلمان والمجالس المحلية والبلدية والاحزاب، وهذا مطروح حاليا ويدور حوله الجدل في البرلمان الأردني، وهي فرصة عظيمة من شأنها أن تحقق تقدما ملموسا للنساء الاردنيات، ونحن في لجنة المرأة وبالتعاون مع الخبراء وممثلات الحركة النسوية في الأردن والمؤسسات ذات العلاقة نبذل الجهد تلو الجهد، لتلقي الدعم السياسي والاجتماعي الكافي لتحقيق استراتيجياتنا واهدافنا المتعلقة بتوسعة نطاق مشاركة المرأة سواء في المجالس المنتخبة او في السلطتين التنفيذية والقضائية.

ان نجاح المرأة الاردنية في الوصول الى مواقع السلطة والثروة والموارد، يعد نجاحا وطنيا بامتياز، وتجربة رائدة ملهمة للنساء في الدول العربية والعالم اجمع، فنحن ننتظم في مسار يشتبك مع مسارات عديدة ذات ابعاد وطنية ودولية، ولنكون احدى اللبنات الهامة في مسيرة المرأة نحو العدالة والمساواة والتي يقوم عليها المجتمع الإنساني ككل، ومن هنا فإنني وبهذه المناسبة العالمية أوجه التحية لكل امرأة مناضلة مكافحة تسعى لأثبات وجودها وتحقيق حرياتها وحقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وصولا لمجتمعات آمنة ومستقرة ومزدهرة