من سيدفع كلفة الحرب الروسية الأوكرانية ؟؟
مأمون مساد
08-03-2022 12:03 AM
تبدو الأمور في الصراع الروسي الاوكراني تسير باتجاه نفق مظلم في ظل التحشيد المستمر وسلسلة اللجوء الاوكراني باتجاه دول الجوار ومنها إلى اوروبا ، وفي ظل انسداد أفق الحل السلمي الذي ينم عن عقلية قلعة متلازمة لكلا الطرفين وهذه هي الحقائق الأولى على أرض المعركة وفي أفق الدبلوماسية الخجولة التي قامت بها كل من فرنسا وتركيا عبر اتصالات هاتفية بين ماكرون وبوتين ، واردوغان.
اما الحقائق والوقائع الاخرى فهي كلف العمليات العسكرية التي تقارب على الأسبوعين غدا ، حيث يشير المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى عبور أكثر من 1.5 مليون لاجئ من أوكرانيا إلى دول أخرى منذ بدء العملية العسكرية «الخاصة»،وقدرت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عدد اللاجئين قد يقفز إلى أربعة ملايين بحلول الأشهر القادمة ، فيما تضغط أوكرانيا من أجل الحصول على المزيد من المساعدة الغربية بما في ذلك المزيد من العقوبات على روسيا والأسلحة لهذه الحرب التي تتهم فيها موسكو كييف عن تصنيع الأخيرة لقنبلة قذرة قد تؤدي إلى قتل المدنيين والعسكريين دون تمييز وبلا رحمة ، وهو ما سيُجفِّف أفق حل سلمي ، ودفع روسي إلى التهديد بالسلاح النووي.
على الصعيد الاقتصادي فإن أسعار النفط قد ارتفعت مع نهاية تداولات الاسبوع الماضي إلى نحو ??% ، ومن الممكن تقارب 160 دولارًا للبرميل خلال الشهور القليلة القادمة، فيما ارتفعت أسعار القمح بحوالى %59 ليصل «الأوروبى المطحون» فى باريس إلى رقم قياسى قدره 406 يورو للطن، وسط مخاوف متزايدة من نقص الإمدادات بسبب الحرب، ليظهر شبح ارتفاع التضخم العالمى فى أسعار الغذاء، مع اختفاء %30 من صادرات القمح العالمية، وأدت أيضًا الحرب الروسية إلى هروب شركات عالمية منها «نستله» السويسرية لمنتجات الألبان ووارنر بروس وديزنى وسونى الأمريكية للسينما للتسلية والترفيه وفولكس فاجن الألمانية أكبر شركة سيارات فى أوروبا وشقيقتها ديملر مرسيدس وفولفو السويدية وجنرال موتورز إلى إغلاق مصانعها فى روسيا وتجميد إرسال المكونات اللازمة للتصنيع فيها بسبب غزو الجيش الروسى لأوكرانيا.
ويضيف بعد حظر الطيران إلى الأوضاع الاقتصادية السابقة أعباء تتراكم على خزينة روسيا التي ستجد نفسها قد غرقت في مستنقع الحرب ، واغرقت معها اوروبا والعالم في ذات المستنقع ، وتفقد الحلفاء لها في ظل تمسكها بشروط السلم والتسوية التي تريد من حربها هذه ، ولعل مبلغ 722 مليون دولار كان يحول يوميا من اوروبا إلى موسكو خير دليل على حجم الخسائر الروسية التي ربما ووفق دراسة جديدة أجراها مركز التعافي الاقتصادي وشركة الاستشارات Civitta وEasyBusiness تقييماً سريعاً لتكاليف الحرب على الاقتصاد الروسي، ووجدت أنه - حتى وفقاً للتقديرات الأكثر تحفظاً – فإنها تكلف عشرات المليارات يومياً، وفقاً لما ذكره موقع «Consultancy»،ونتيجة لذلك، وفقاً للباحثين، من المرجح أن تتجاوز التكلفة اليومية للحرب بالنسبة لروسيا 20 مليار دولار مع تزايد الغزو ، وهذا غيض من فيض كبير قد يستمر لاشهر وربما سنوات كلما طال أمد هذه الحرب.
ان استمرار أمد هذه الحرب بين طرفين ووقف العالم متقابلا في صفين ينذر باتساع رقعة الحرب العسكرية في سبيل انهيار غير مسبوق في اقتصاديات العالم المتقدم والاقتصاديات الناشئة التي ما تزال ترزخ تحت نير ازمة كورونا العالمية ، والتي لم تعط اية فرصة للتعافي والعودة بالاقتصاد إلى النمو إلى فترة ما قبل كورونا ، ولعل ثورة جياع تشتعل في العالم الذي سيحرم من المساعدات الدولية في ظل تقلص اقتصاديات قوية تعتمد على بعضها البعض، وهذه كلف مباشرة وغير مباشرة تحتاج وحسابها معا يحتاج الى قراءات اعمق اذا ما وضعت الحرب اوزارها.
(الدستور)