القطع مع مرحلة سياسية والبدء من جديد
علي السنيد
07-03-2022 02:11 PM
الطريقة التقليدية التي حكمتنا لعقود في تشكيل الحكومات بدون روابط حزبية او فكرية جامعة لا شك انها استنفذت اغراضها، وباتت تعيق تطور الحياة العامة، ولا تتماشى مع قيم وتطلعات الدولة الحديثة، وهو ما يؤذن بضرورة القطع مع مرحلة سياسية في الأردن، والبدء من جديد.
وهذا التوجه الحداثي منوط بإنجاح فلسفة قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين في اعتماد المعيار الوطني في الحياة السياسية ، وترك القوى السياسية تعيد تأطير الشعب، وتنظمه في أحزاب برامجية، ولتتنافس على اصواته من خلال ما تطرحه من برامج قابلة للتطبيق.
وبضمان نزاهة الانتخابات يتم تحديد جهات التمثيل الحقيقي، ومن ثم تتولى الأغلبية البرلمانية تشكيل الحكومات البرلمانية.
وهذه النقلة السياسية تفضي الى انهاء التضاد بين الموالاة والمعارضة في الوطن حيث كل الاطياف أسسها الدستور، وهي وطنية بلا منازع، وهذا يخرج قوى المجتمع المدني من أحزاب ونقابات وهيئات شعبية من ليل تهميشها الطويل ، ويضعها في صلب العمل السياسي، ومركزه، ومسؤولياته الجسام، وهو ما يفضي الى تأهيلها، ولكي تتفهم طبيعة الحكم، ومتطلباته الواقعية.
وبذلك نغادر مربع الحكومات التي تتشكل من خلال نخب منتقاه على أساس مناطقي، ولا تجمعهم رؤية مشتركة واحدة، وكي تصبح الحكومات ذات حضور شعبي، وتمتلك القدرة على مخاطبة الناس، واقناعهم ببرامجها ، وخططها ، واولوياتها في الحكم.
وهذا أيضا يضع حدا لصراع النخبة الدائر بالخفاء، ويجنب الحكومات القادمة ظروف المواجهة غير المعلنة مع اطراف، وعناصر من الحكومات التي سبقتها، والتي تغذي الرأي العام بالإحباط، وتصعده ضدها لأسباب لا علاقة لها بالمصلحة العامة.
وبذلك يبرز دور المعارضة الوطنية، والتي تعبر في معارضتها عن اخلاق سامية، وهي تختلف مع السياسات، وليس الأشخاص ، ولا تنتهك الخصوصيات في نقدها، وليس هدفها تدوير المناصب والمكاسب للوصول الى المنافع الشخصية.
وقانون الانتخاب سيعالج الإشكالية المنعكسة عن انتخاب النواب على أساس الفرز الفردي في الماضي، وبالشكل الذي كان يخرج النائب عن دوره الدستوري في التشريع والرقابة، ويجعله اسير دائرة الواسطة والمحسوبية.
وبذلك تتحول الأغلبية البرلمانية الى برامجية، وليست تصويتية، وترتكي الحكومات على اغلبية من نواب حزبها، او الائتلاف الحزبي الداعم لها ، والذي يؤيد سياساتها ، ويدافع عنها امام الرأي العام . ويفسح المجال كي يتفرغ الوزراء الى أداء مهام عملهم الوطني دون ضغوط نيابية .
ظلت الحكومات لعقود محكومة باستنزاف مصداقيتها مهما حاولت تجنب هذا المصير، وتخفق في تحديد الأولويات الوطنية من ضراوة المعركة الدائرة في محيطها، والمجالس النيابية تحترق على التوالي، وتبوء بغضب الشارع ونقمته لمجاراتها مرغمة للحكومات في كل سياساتها، ومقايضة ذلك بتلبية مطالبات ذات طابع مناطقي، او فردي.
واليوم نحن التقطنا الإشارة في الأردن، وارجو ان لا يجهضوا هذا التوجه ، وان يتركوا له الفرصة لكي ينجح.