كلنا يعرف ان الحياة لن تدوم وانها اقصر بكثير مما نتصور او نشعر او نأمل في الوقت الذي نتشبث بأمل البقاء والتسويف والتأجيل والتعامي عن حقيقة ناصعة لا يساورها الشك بل يحيط بها اليقين.
وعلى الرغم من ذلك وتدفق كثير من المنبهات لهذا الأمر والمؤشرات على اقتراب النهاية وحلول الوداع وصرخة الرحيل الا انها تلامس السمع والنظر ولكنها لا تلامس الوجدان ولا تتفاعل مع الغرائز والحاجات والنزوات. وتستمر المسيرة والغرق في الأمل وجمع المال بطريقة مشروعة وغير مشروعة ويستمر الغش والخداع والاحتيال بغية دنانير معدودة ويقع الغريق في الظلم وازدراء الآخرين ويمعن في حب الذات وحيازة السيطرة وتتراكم الأخطاء وتضيق بها الصدور ولكن لا عبرة ولا رجعة حتى ينفد الوقت واذا بنا في العالم الاخر َهناك ينتهي الامتحان ويبدأ الحساب.
هناك يفيق الغافل ويصحو من نومه ويرق قلبه ويتحسر على الماضي ويتمنى ان يعود به الزمن ليستدرك ما فاته ويتجنب ما وقع منه ولكن هيهات هيهات. فقد سبق السيف العذل فلا امل ولا عتاب ولا تأخير.
لهذا وذاك علينا أن نفيق قبل فوات الأوان وان ندرك ما يستدرك فذلك خير من اللهو والهروب إلى واقع محتوم.